ماذا يدفع مواطن مصرى ينتمى للصعيد أن يقطع عضوه الذكرى أمام المارة فى منطقة "سيتى" بأسيوط؟ أيه ضغوط رهيبة دفعته لإعلان هذا الموت الرمزى وإلقائه فى وجوه أبناء المجتمع مثله مثل من يقرر حرق نفسه فى ميدان عام أو قتل أبنائه خوفاً عليهم من الفقر والضياع ؟
إنها حالة اليأس الكامل التى نلمسها كل يوم فى ما تحمله الأخبار من جرائم حاول علماء الاجتماع التخفيف من وقعها بتسميتها " بالجرائم الشاذة"، بينما تتراكم لتصنيع كابوساً من العنف يكسو حياتنا ويقلب قيمها وأسسها رأساً على عقب.
الرصد الأمين لما يتم الكشف عنه من الجرائم الأسرية وأشكال العنف الأسرى الأخرى فقط ابتداء من العنف ضد النساء وانتهاك حقوقهن وانتهاء بزنا المحارم، يضعنا أمام تغيير كبير فى طبيعة مجتمعنا، وإذا أضفنا إلى ذلك الإحصاءات الخاصة بالانتحار وجرائم القتل غير المنطقية مثل القتل فى طوابير الخبز أو بسبب خلاف على أسبقية استقلال الميكروباص فى المناطق الشعبية، نعرف إلى أى حد أصبح العنف كالهواء الذى نتنفسه، متاحاً وملوثاً!
قد تبدو حادثة المواطن "عزت" فى نظر البعض فردية، تبعث على الحزن والامتعاض أو تبعث على السخرية، وقد يستقبلها البعض من باب "من شاف بلاوى الناس هانت عليه بلوته" ثم يشكر الخالق على نعمة الاستقرار النفسى الكفيل بالحفاظ على نعمه علينا، لكن هذا الحادث ،وهو ليس الأول بالمناسبة فقد تكرر خلال السنوات الماضية، يدعونا لتأمل المنعطف الذى قد تتخذه سياسات اقتصادية واجتماعية نخبوية تتجاهل الكتلة الأكبر من هذا المجتمع واحتياجاته
وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد كان يسمى معاناة الفقراء من سياسات الحكومة الحالية بـ "كرابيج التحرر الاقتصادى" وهى تسمية أشبة باسم الدلع لطحن الغالبية الفقيرة تحت سياسات اقتصادية غير رحيمة تعمل لصالح نخبة قليلة فى المجتمع وتتجاهل تفاقم معاناة الأغلبية ،وأدعوه الآن إلى متابعة كيف تحولت "كرابيج التحرر الاقتصادى" إلى دبابات ثقيلة تدوس لحم وأعصاب الأغلبية الفقيرة وتدفعهم إلى الجنون والعنف بصورة لا تنفع معها لا بيانات تقرير التنافسية ولا إشادات صندوق النقد الدولى!
باختصار، حادثة المواطن عزت وغيرها من حوادث الانتحار والقتل والعنف بسبب الفقر يجب أن تدفع الحكومة إلى مراجعة السياسات الاقتصادية المشوهة حتى فى توجيه الدعم والإعانات المجتمعية لإنقاذ الكتلة الأكبر من أبناء هذا المجتمع.
"عزت" قطع عضوه الذكرى أمام المارة فى أسيوط.. قال "لليوم السابع": فقير ومش قادر أتجوز.. وعايش بمبدأ "بيع مخك وامشى حافى"
مواطن يقطع عضوه الذكرى أمام المارة بأسيوط
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة