لم يعد المواطن يدرى أين يذهب من شدة ذكاء الحكومة، بعد أن أصبحت الحاجات الذكية تطارده فى صحوه ومنامه وتموينه. ومع اليوم الأول لتطبيق نظام البطاقات الذكية لتسلم الدعم تكدس المواطنون انتظاراً لذكاء الحكومة، والبطاقة الذكية يفترض أنها تميز المحدود من غير المحدود من خلال تتبع ملامح المواطن وبصمته الوراثية.
ومع أننا فى القرن الواحد والعشرين كان المفترض أن يتم التوصل بطريقة علمية معملية فذة إلى طريقة تنهى النظام التموينى "الدعموى" الغرائبى، وهو ما فعلته الحكومة وقررت اختراع البطاقات الذكية التى يحملها المواطن ليذهب بها إلى بقال التموين من أجل أن يصرف مقرراته التموينية من سكر وزيت وخلافه.
وتأتى البطاقة الذكية فى الوقت الذى تعلن فيه الحكومة عن التفكير فى إعادة التفكير فى تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى حتى يمكن وصول الدعم إلى مستحقيه. وهى تصريحات تعنى فى الغالب أن الدعم فى سبيله إلى الزوال.
وفى إطار ما هو معلوم من الحكومة بالضرورة، فإن المواطن يضع يده على قلبه وتلعب الفئران فى "عبه" متوقعاً أن تخدعه الحكومة وتبعثه إلى مكان آخر، لا يحصل فيه لا على النقدى ولا العينى، ويبقى المواطن تحت خط الفقر.
وربما لو كان هناك فائض ذكاء لدى الحكومة، ربما فكرت فى حلول عملية لتوصيل الدعم بدلاً من اللعب فى البطاقات الذكية التى جعلت الطوابير تعود، ويجد المواطن نفسه فى طابور انتظاراً لبطاقة ذكية، ثم طابور من أجل المقررات التموينية.
ومن حق المواطن العادى، والمحدود أن يشعر بالخوف من أى بطاقة ذكية أو تصرف ذكى من طرف الحكومة لأنه يعرف أنه كلما تزايدت نسبة الذكاء لدى الحكومة تفكر له فى "مغرز" يغرق فيه إلى أذنيه. فقد كان ذكاء قانون المرور هو الطريق لمضاعفة الزحام، والذكاء الضريبى نظف جيبه، والذكاء الانتخابى جعل الانتخاب بالاستفتاء.
ومن أهم ميزات البطاقة الذكية أن الحكومة رفعت أسعار السلع التموينية بنسبة كبيرة، على طريقة الثلاث ورقات، بما يؤكد أن كرامات البطاقات الذكية حلت قبل أن تبدأ عملها. ومع الوقت ربما لا يجد المواطن المحدود من الدعم سوى بطاقة يبلها ويشرب ميتها.