طبول الحرب تدق بقوة فى منطقة الشرق الأوسط، ومدافع الإعلام الأجنبى بدأت فى إطلاق نيرانها بكثافة لتهيئة الأجواء والأدمغة بوجود مبررات لهذا التصعيد المجنون.
الحرب التدميرية التى تريدها إسرائيل تسعى من خلالها للهروب إلى الأمام وتجاوز الاستحقاقات السليمة التى قد تضعها فى زاوية أمام العالم، وتكشف حقيقة وضعها كأسوأ الأنظمة الاستعمارية الباقية فى العالم.
حكومة نتانياهو تعلم جيداً أنها مطالبة بخوض جولة حقيقية من المفاوضات تنتهى بإعلان الدولة الفلسطينية والانتهاء من قضايا الوضع النهائى العالقة: القدس، اللاجئين وحدود الدولة الفلسطينية، كما أنها مطالبة بوضع حد لاحتلالها الأراضى العربية الأخرى فى سوريا ولبنان (مرتفعات الجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا) مع ما يترتب على ذلك من استحقاقات ضرورية تتعلق بالموقف على الحدود ومصادر المياه العربية التى تضع إسرائيل يدها عليها.
المنطق الإسرائيلى الاستعمارى والنفعى يقول بخلط الملفات وتدمير اللحظة المناسبة لمفاوضات تنتهى بسلام مستقر وغير مناسب لإسرائيل من وجهة نظر حكومة نتانياهو والأحزاب الدينية المتطرفة المتمثلة فى الكنيست، ومن ثم تعمد حكومة نتانياهو على وضع الملف الإيرانى قبل ملف احتلالها الأراضى العربية الفلسطينية واللبنانية والسورية، وتدفع إلى إشعال هذا الملف لنسف كل الاستعدادات لإغلاق ملف الاستحقاقات العربية، كما أنها بصورة نفعية استعمارية ترى أنها غير مستفيدة من طرح الملف العربى على طاولة المفاوضات بعد أن استطاعت فرض حصارها غير الإنسانى على غزة، وفرض الأمر الواقع باحتلال مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، مع اختراقاتها المستمرة للسيادة اللبنانية تحت سمع وبصر القوات الدولية (اليونيفيل) فضلا عن استغلالها الكامل لمياه بحيرة طبرية السورية وفرضها عدة مشروعات استيطانية فى الجولان المحتل منذ إعلانها ضمها إلى إسرائيل، ويأتى بعد ذلك كله فوزها بالتطبيع المجانى مع عدد من الدول الخليجية التى ذهبت إلى التطبيع وفق الشروط الإسرائيلية أى بالضغوط الحليفة أو بالخصم من أوراق الضغط فى يدى المفاوض العربى.
من ناحية أخرى تفكر حكومة نتانياهو كيف تهرب من استحقاقات مفاوضات السلام التى أصبحت وشيكة بتحقيق مصالحها البعيدة بتدمير توازن الدرع الذى بدأ يتشكل مع تنامى القوى الإيرانية وصمود المقاومة اللبنانية فى حرب سبتمبر 2006 وإعادة إسرائيل إلى الواجهة باعتبارها الحليف الذى يستطيع القيام بالمهام الأمريكية فى المنطقة دون أن تدفع إدارة واشنطن العاصمة الثمن من دماء جنودها أو التورط فى فتح جبهة ثالثة.
من هنا نتوقع ذرائع متتابعة للحرب كأن تعلن الحكومة الإسرائيلية عن إطلاق صواريخ حمساوية على الداخل الإسرائيلى أو عملية انتحارية منسوبة لحزب الله انتقاماً من اغتيال القيادى بالحزب عماد مغنية، مع الربط الدائم بين حماس وحزب الله ودمشق وطهران، وتحميل دمشق وطهران المسئولية عن أى عمليات تقوم بها حماس وحزب الله.
خطورة التصعيد المجنون والتلويح بحرب تشنها إسرائيل على عدة جبهات فى المنطقة أنها أشبه بحقيبة "الزر النووى" فى يد الرئيس الأمريكى يمكن فتحها والضعط على زر الحرب النووية بسهولة لكن لا يمكن التنبؤ أبدأ بنتائجها أو معرفة كيف يمكن إنهاؤها.