يشتكى المصريون فى الخارج من الانتهاكات التى يتعرضون لها بشكل منظم وأحياناً كثيرة بموجب قانون, وهى فى الحقيقة كثيرة ومتعددة، منها الانتهاكات التى تتعلق بالعمل وقوانين العمل المجحفة مثل نظام الكفيل المعمول به فى كثير من دول الخليج العربية إلى الاعتداءات التى يتعرضون لها، مثلما حدث فى الجزائر عقب أزمة كرة القدم، إلى الاعتداءات البدنية، والتى وصلت إلى حد القتل والتمثيل بالجثة.
ولا يقدم لهم أعضاء البعثات الدبلوماسية المساعدات اللازمة لمواجهة هذه الانتهاكات التى تأخذ أشكالا متعددة.
فقد تلقينا أخباراً حزينة بمقتل أربعة شباب مصريين فى ظروف مختلفة خلال الشهر الأخير، مقتل الشاب المصرى محمد سليم فى لبنان بعد اتهامات له بقتل طفلين والجد والجدة، وماصاحب هذا من تمثيل بجثته وتعليقها على سارى، وفى حالة هيستيرية جماعية لأهالى قرية كترمايا وشكلت إهانة شديدة شعر بها كل مصرى، ومقتل المهندس المصرى سامى بركات فى نيجيريا، الذى كان يعمل فى شركة مقاولات، وقام عدد من سكان المنطقة التى يعملون فيها بالاعتداء عليه وسرقة أمواله، رغم أنه كان فى حراسة أفراد من الجيش النيجيرى، ومقتل مصرى فى الكويت على يد عائلة سورية، ثم مقتل مصرى فى اليونان.
فى الحقيقة يشعر المصريون بالقلق الشديد، بل يمكن القول إنهم يشعرون بجرح فى الكرامة تجاه تصاعد هذه الأحداث التى تستهدف المصريين وكأنهم أصبحوا بلا حماية ولا توجد دولة تحميهم وتقف خلفهم، كما تفعل كل الدول فى العالم مع رعاياها، فالمصريون فى الخارج تقدر أعدادهم بستة ملايين مصرى ويرسلون تحويلات تشكل رقما مهما فى الدخل القومى المصرى، ويقترب رقم تحويلات المصريين فى الخارج إلى دخل قناة السويس أى أنهم يدعمون الاقتصاد الوطنى.
أى أنهم يستحقون الاهتمام بهم، ليس فقط لأنهم مواطنون، لكن أيضا نتيجة إسهامهم الهام فى الاقتصاد الوطنى، الخطير فى الأمر أن الدستور المصرى يخلو تماماً من أى حقوق للمصريين فى الخارج، لاسيما الحماية الدبلوماسية.
فيخلو الدستور المصرى المؤلف من 211 مادة من أى معالجة تتعلق بحقوق المصريين المقيمين فى الخارج، واكتفى بالنص فى المادة (52) على أنه «يعد الحق فى حرية مغادرة الوطن سواء بقصد العمل أو لأى مقصد آخر حقاً من الحقوق الأساسية والدستورية»، فى حين نجد دساتير دول متعددة تنص على حق المواطنين فى الخارج فى التمتع بالحماية الدبلوماسية لدولتهم. ويلاحظ أن حق الحماية الدبلوماسية مقرر فى القانون الدولى لكل دولة بشأن حماية حقوق رعاياها فى مواجهة الدول الأخرى، لكن هذه الدساتير تقرره كحق دستورى للمواطنين إزاء دولتهم كما هو الحال فى دساتير بولندا (1995) وروسيا (1993) وكازاخستان (1993) ويوغسلافيا (1992) كما ينص الدستور التركى (م62) على التزام الدولة بوضع تدابير خاصة لتمكين المواطنين بالخارج من ممارسة حق التصويت، وينص دستور/ بيرو (1993) على حق المواطنين بالخارج فى الحصول على جوازات السفر وتجديدها.
عدم وجود حماية دستورية أدى إلى اعتبار البعثات الدبلوماسية نفسها غير معنية إلا بالمسؤولين أو العمل الدبلوماسى وعدم اهتمام أغلبية السفارات المصرية الموجودة فى الخارج بشكاوى العمالة المصرية، فمن الملاحظ أنه عند لجوء المصرى بالخارج إلى السفارة المصرية، لا يهتم العاملون به ولا يقدمون له أى خدمة، ففى أغلب الأحوال تكتفى إدارة العمليات بوزارة الخارجية والسفارات المصرية والقنصليات بحدود نقل الشكوى للجهات الرسمية المعنية فى الدول المستقبلة للعمالة المصرية دون إجراء تحقيقات مستقلة ومتابعة جدية للعمل على إنهاء تلك المشاكل التى يتعرض لها العمال المصريون، ومن ثم تصبح هذه الإجراءات التى تتسم بالبيروقراطية والبطء الشديد غير فعالة فى ضمان حماية حقوق الرعايا المصريين بالخارج.كما أنه فى كثير من الحالات لا تقدم السفارات الدعم القانونى لمن يحتاجه من المصريين أو غيرها من العون والمساعدة.
فإذا خلا الدستور من النص على هذه الحقوق فإن القانون الدولى تضمن حق كل دولة فى إسباغ الحماية الدبلوماسية على مواطنيها فى الدول الأخرى.
الخلاصة يشعر المصريون الآن بالإهانة وجرح الكرامة لهذه الأحداث التى كشفت أن المصريين يتم الاعتداء عليهم دون أدنى اعتبار لغضب من حكومتهم أو دولتهم، وعلى الدولة أن تغضب، إن لم يكن من منظور حقوق الإنسان، فعلى الأقل لما للمصريين فى الخارج من دور مهم فى دعم الاقتصاد الوطنى وأن تعمل بجدية لتوفير الحماية لهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة