تحت أى ظرف من الظروف لا يمكن لوم إسرائيل بشأن ما فعلته ضد مصر فى دول المنبع، بينما كنا نحن نيام.. نيام ؟ فإسرائيل ببساطة تعتبر نفسها دولة محتلة ومكروهة من أبناء المنطقة، وبرغم توقيعها معاهدة سلام مع مصر لا تعتبر حربها معها قد انتهت، بل تعتبرها الأخطر عليها فى المنطقة، ولأنها تعمل وفق المبدأ الوقائى، رأت ببساطة أن روح وحياة مصر فى النيل ومن ثم ذهبت إلى هناك وعملت بكل الأساليب من أجل خلق المتاعب لها، ولتشغل مصر بحرب جديدة بعيدا عنها.
وفى المقابل اعتبرنا نحن أن حربنا مع إسرائيل انتهت وبعد أن رفعنا شعار أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب نمنا فى العسل.
والآن بعد أن زادت الاتهامات الموجهة للحكومة بالتقصير فى هذا الملف خرجت التقارير لتقارن بين وجودنا ووجود إسرائيل فى منطقة الحوض والنتيجة جاءت لصالحنا فعلاقاتنا الدبلوماسية ببلدان هذه المنطقة قديمة، ونحن متواجدون فيها أكثر من إسرائيل، وقد يكون هذا صحيحا، ولكن ما جدواه، إذا كانت إسرائيل تعتمد التخطيط والعمل المخابراتى والسرى، وحينما قدمت مساعداتها العلمية والتكنولوجية لهذه الدول قدمتها فى مجال واحد هو الزراعة، لأنها تدرك أن أى تقدم فى هذا المجال فى هذه الدول سوف يظهر تأثيره مباشرة على مصر، من دون تحريض ولا دياولو.
ويظل السؤال الذى يشغل الذهن للمرة الألف أين كنا من ذلك، هل نسينا أن إسرائيل تعتمد فى بقائها على الأعمال المخابراتية القذرة، وأقرب مثال على ذلك تدمير معدات المفاعل العراقى فى ميناء مرسيليا الفرنسى وقتل العالم المصرى يحيى المشد ثم تدمير ما تبقى من المفاعل فى العراق نفسه، ولم تكن العراق من دول الطوق أو المواجهة، فلماذا وقفنا موقف المتفرج من تحركاتها ونحن نعلم بها، أم أننا كنا لا نعلم بما يحدث، لا أظن ذلك فنحن فى هذا المجال مشهود لنا بالكفاءة على مستوى العالم، و يوما ما لاعبنا إسرائيل فى أقصى غرب إفريقيا وهزمناها فى أبيدجان فى موقعة الحفار المشهورة.
وتظل الأسئلة فى هذا الجانب مشروعة عن سبب عدم إرسالنا إشارات لإسرائيل من أجل أن تكف يدها عن الإضرار بمصالح مصر فى أفريقيا، ولماذا صمتنا، حتى أوقعتنا فى ما لم نكن نود الوقوع فيه؟.
ومن جانب آخر هل أرسلنا إشارات بشكل مباشر أو غير مباشر لأثيوبيا البلد المثقل بتناقضاته القومية والإثنية والدينية، أم أن أمر هذه التناقضات كان غائبا عنا، لا أظن ذلك أيضا، فأى تلميذ فى الصف السادس الابتدائى يعرف عن كفاح المجموعات التى همشتها أقلية "التجراى" الحاكمة التى لا تتعدى نسبتها ستة% من سكان إثيوبيا، وهى المجموعات التى تمثل الأكثرية العددية مثل "العفر" و"الأورومو" و"إقليم أجنادين" و"القبائل الصومالية"، بل إن من بين هذه المتناقضات مشاكل "الأمهرا" مع أقلية "التجراى" رغم أنهما يدينان بدين واحد، فضلا عن النزاع الأبدى بينها وبين إريتريا.
• صحفى مصرى يعمل فى الكويت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة