سهير الشرقاوى مسئولة قسم المراجعة بإدارة الحسابات بوزارة الصحة التى كشفت فضيحة أكياس الدم الملوثة الشهيرة بقضية هايدلينا وكشفت اختلاسات بالملايين فى مشروع الفاشيولا، هذه الموظفة الشريفة يتم فصلها من عملها عقاباً لها على تصديها للفساد، حتى لا تتحول إلى نموذج يحتذى من بقية الموظفين، عقابها مقصود به أن تكون عبرة لمن يعتبر، لكى يبقى الفساد قادراً على أن يمرح فى الأرض بدون إزعاج من ضمير موظفة شريفة أو حرص موظف يبحث عن اللقمة الحلال.
الموظفة الشريفة جديرة بأن تقف مصر كلها معها ومع قضيتها العادلة، وهى دخلت فى اعتصام مفتوح بدءًا من يوم الثلاثاء أمام المجلس القومى للمرأة اعتراضاً على قرار وزارة الصحة إنهاء خدمتها، وهى تعتقد ونحن معها أنها تدفع ثمن ما قامت به من كشف المتورط فى جريمة التلاعب فى مواصفات أكياس الدم.
لماذا لم نسمع أن أحداً تضامن مع الموظفة الشريفة، لماذا لم نسمع عن نائب من نواب الشو الإعلامى بادر إلى تقديم استجواب أو طلب إحاطة أو حتى سؤال عن المسئول عن عقاب السيدة الشريفة بسبب أنها تجاسرت على كشف الفساد ووقفت فى وجه الفاسدين.
لماذا لم نسمع صوتا للمجلس القومى للمرأة وللمناضلات من أجل حقوق النساء، وأصحاب كوتة المرأة فى مجلس الشعب، لماذا صمتكم عن قضية امرأة شريفة فى قضية شريفة، أم لم تعد للمرأة قضايا غير قضايا الخلع والختان.
نحن إذن نتضامن مع سهير الشرقاوى يعنى أننا نتضامن مع الموظف الشريف فى مواجهة دولة الفساد التى يبدو أنها قوية وقادرة على حماية رعاياها وعقاب الذين يتصدون لفسادهم أو يدافعون عن شرف المواطن.
قصة سهير الشرقاوى لم تبدأ اليوم فقد صدر قرار نقلها إلى مستشفى الصحة النفسية بالعباسية بعد قيامها بالكشف عن فساد الأكياس الملوثة بالدم فقامت برفع دعوى قضائية أمام القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وحكم لها القضاء وألغى قرار النقل بعد أن أمضت ثلاث سنوات بمستشفى الصحة النفسية.
ذهبت سهير الشرقاوى إلى وزارة الصحة لتنفيذ قرار عودتها إلى مكانها بقسم المراجعة بإدارة الحسابات بوزارة الصحة إلا أنها فوجئت برفض تنفيذ القرار، بدون إبداء أية أسباب لهذا الرفض، فأرسلت أكثر من برقية إلى وزير الصحة علاوة على إرسالها قرار محكمة القضاء الإدارى إلى الوزير عبر الشئون القانونية لتنفيذ القرار.
وزير الصحة يعرف قصتها، ونحن جميعا نتابع كل يوم تفاصيل عن كفاحها المستمر طوال سنوات العذاب الماضية، ولا أحد يتحرك لرفع هذا الظلم وإيقاف هذه المهزلة، وأنا من هنا أوجه سؤالاً إلى وزير الصحة: ما هى الرسالة التى تريد الحكومة إيصالها إلى العاملين بالحكومة والقطاع العام، الحقيقة أن الرسالة المرسلة بعلم الوصول إلى عنوان الموظفة المحترمة تقول بالنص: (من يكشف الفساد لن يفلت من العقاب)، من صاحب هذه الرسالة وما هى أهدافه الحقيقية من ورائها.
جاسوس روسى يعمل لحساب المخابرات الأمريكية إبان الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتى وأمريكا فى الخمسينيات والستينيات كان يشغل منصباً رفيعاً فى الدولة السوفيتية وحسب اعترافاته بعد الإمساك به كانت مهمته قاصرة على أن يختار من بين المرشحين لأى منصب حكومى أفسد المرشحين وأقلهم كفاءة، كان المطلوب منه إفساد منظومة الدولة، بالسم القاتل، أن يعرف المرشحون للوظائف العليا أن الكفاءة ليست معيار الاختيار بل الفساد وقلة الكفاءة هى المعيار المعمول به، ومن هنا انهارت دولة كانت عظمى، انهار الاتحاد السوفيتى.
يا معالى الوزير دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة، وقديما قيل بحق إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة