محمد حماد

الإسلاميون وعبد الناصر حل الإشكالية برؤية جديدة

الأحد، 30 مايو 2010 07:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأخ والصديق العزيز الدكتور أحمد خفاجى مصرى أمريكى يعيش فى أمريكا، ينسب نفسه إلى التيار الإسلامى، وقد ألقى خلف ظهره ما أسميته جراحات الماضى التى لم يعد للوقوف عندها من طائل، وأرسل لى مقالاً له حول ما نشرته يوم أمس تحت عنوان متى تندمل الجراح بين الناصريين والإسلاميين.

المقال جاء تحت عنوان: الإسلاميون وعبد الناصر حل الإشكالية برؤية جديدة، ومن ناحيتى فإنى أراه مقدمة طبيعية لبناء حوار جاد بين القوميين والإسلاميين وإليكم ما قاله الدكتور أحمد خفاجى:

حضرات السادة الأعزاء:
أنا مسلم أؤمن بأن الإسلام دين ودولة، ولا أوافق على فصل الإسلام عن السياسة، وأحلم بنهضة ووحدة إسلامية أراها حاضرة أمامى قابلة للتحقيق، ولا أؤمن بالدولة الوطنية إلا بكونها حاجة مرحلية ستزول مع النهضة الإسلامية القادمة حتما، بهذا الشكل يمكن أن تقول إننى إسلامى.

أردت من هذا التقديم أن أؤكد على ثوابتى، وأن أُعرِّف بنفسى، ولأعطى لنفسى نوعاً من الحماية ضد نقد لاذع سيأتى من أناس أحبهم وأشاركهم نفس العقيدة ونفس الحلم.

الموضوع:
كلما ذكر اسم الرئيس جمال عبد الناصر ولو عرضاً فى سياق حديث ليس هو مادته الرئيسية، إلا وقامت الدنيا، ما بين من لا يقبل أى كلمة تقال عن عبد الناصر، ومن يحمله كل مصائب الأمة العربية ونكباتها.

أنا ضد أن يشوه اسم عبد الناصر لأسباب مستقبلية، وليس بسبب وقائع تاريخيه، لقد فقدت الأمة ثقتها بنفسها، وبأى قيادة تحاول تجميع الشباب من حولها فى محاولة للنهوض من جديد، فكيف يمكن أن نقول للأجيال الجديدة، تعالوا معنا نغير الواقع ونواجه القوى المعادية للأمة، وفى نفس الوقت نقول لهم إن أكبر من قالوا بذلك فى العصر الحديث لم يكن غير طاغية، كيف يمكن أن نطالب بالعدالة الاجتماعية، ونحن نسب الرجل الذى حاول أكثر من أى رئيس عربى فى العصر الحديث تحقيقها عمليا، كيف نطالب بالوحدة، ونحن نهاجم الرجل الذى أصر على التواصل الجغرافى بين شرق وغرب العالم العربى، وربط أى تسوية مع إسرائيل بتحقيق هذا المطلب، الانسحاب من صحراء النقب، بينما جاء بعده من لم يلق بالاً لهذا المطلب الإستراتيجى، وعقد صلحاً منفرداً كان سقفه الأعلى استرجاع طابا.

عبد الناصر متهم بالظلم والديكتاتورية، والإخوان متهمون بالإرهاب والعنف، ومرشدهم قال طز فى مصر، النتيجة أن المواطن المصرى يفقد الثقة والاحترام فى كل من يتصدى للتغيير.

بوضوح شديد وبصراحة علينا توظيف تاريخ التجربة الناصرية لخدمة مشروع النهضة الإسلامى، وذلك بالحديث عنها، وبالاعتراف بما حققته من إنجازات، وبتبرير إخفاقها بتقييدها للحريات الفكرية والسياسية، ما سهل للأفاقين والمنتفعين من اعتلاء مواقع التأثير والانحراف بمسار ثورة يوليو عن مسارها الصحيح وارتكابهم جرائم قمع ضد الإخوان المسلمين الذين شاركوا فى صنع الثورة.

التفكير بهذا الأسلوب يعالج إشكالية الخلاف المستحكم بين الناصريين والإسلاميين، ويبدو به الإسلاميون وقد ارتفعوا فوق الجراح التى سببها إعدام مفكريهم وقادتهم فى الحقبة الناصرية، ويحصن الحركة الإسلامية من الوقوع فى نفس الخطأ، وهو ديكتاتورية الرأى الواحد والتنظيم السياسى الواحد، وهو أمر وارد حدوثه إذا وصل الإخوان إلى السلطة للطبيعة التنظيمية داخل حركتهم.

قد يقول أحد الإسلاميون إن ما تقوله هو مجرد دعاية للناصرية ستستفيد منها حركتهم السياسية، والإجابة أن الحركة الناصرية لأسباب خاصة بمدى انتشارها وتغلغلها فى المجتمع المصرى غير قادرة على الاستفادة من اعتراف الإسلاميين بالإنجازات الناصرية، المستفيد الوحيد من ذلك هو الحركة الإسلامية لأنهم قوة فاعلة ومتواجدة بشكل فاعل فى الساحة السياسية المصرية.

ومع تخلى النظام الحالى عن القطاع العام وحذف الإشتراكية من الدستور وانحسار دوره الإقليمى بل وعزوفه عن الانخراط الإيجابى فى القضية العربية لا يستطيع هذا النظام أن يتحدث عن استناده إلى شرعية ثورة يوليو، فى نفس الوقت نجد الموقف الناصرى متفقاً تماماً مع الموقف الإسلامى فى القضايا القومية، شاهدنا ذلك فى قضية العراق وفلسطين وأثناء الاعتداء الإسرائيلى على لبنان، ولو كان عبد الناصر حياً بيننا اليوم لاتخذ نفس المواقف.

الإسلاميون اليوم أولى بنسب شرعية ثورة يوليو لأنفسهم، وقد كانوا فاعلا رئيسيا فى أحداثها والتمهيد لها، واليوم هم من يرفعون نفس المبادئ، ونحن لسنا فى صراع مع عبد الناصر، فقد انتهى الصراع معه بموته، ولا توجد ضرورة للصراع مع الناصريين، بل توجد ضرورة للتعاون معهم، لخدمة مصالح الأمة.

قد يقول قائل إذا كان عبد الناصر قد مات فلماذا تنشغلون بالحديث عنه والدفاع عن اسمه؟، أقول لأن الحديث بشأنه مستمر، ويفرض نفسه علينا، ولا نستطيع تجنبه، وبدلاً من أن نكتفى بالهجوم على عهده، علينا أن نقيمه تقييما نزيها ومجردا، لأن المعارك التى خاضها مازالت مستمرة، بنفس الأطراف، وبنفس الملابسات، وقد كان لعبد الناصر فضل الريادة فيها، بل وتفجيرها فى محاولة لاسترداد الكرامة العربية.

علينا أن نعترف أن الإخوان لم يخرجوا الإنجليز من مصر، بل أخرجهم عبد الناصر، عبد الناصر هو من أعاد قناة السويس لنا، عبد الناصر، هو من أجهز على الملكية، وأسرة محمد على، أصحاب محاولة تغريب مصر وجعلها تابعة أوروبية، انظروا إلى قصورهم بما فيها من تماثيل عارية وثقافة غربيه لتعرفوا أننا صرنا أفضل مائة مرة بدون حكم هذه الأسرة وتأثيرها المفسد، عبد الناصر هو من دمر الإقطاع المصرى المنتمى بأفكاره وأنماط حياة أفراده للغرب وليس للحضارة الإسلامية، فقد كان الإقطاع المصرى قلعة من قلاع العلمانية المرسخة فى مصر، وكنا فى حاجة إلى تغييرات جذرية للقضاء عليه، مما فتح الطريق لأسلمة المجتمع المصرى، لذلك ينتابنى العجب عندما يتحدث البعض عن تحريم ما قام به عبد الناصر فى حركة تأميم الأراضى الزراعية والتى اكتسبها الإقطاع المصرى بالظلم، وكان يقوم بدور العميل لمصالح المصالح الأوروبية والإنجليزية تحديداً.

وأقول أيضا، إن عبد الناصر هو من أعدم الشهيد سيد قطب والشهيد عبد القادر عوده، وهو نفسه من نكل بخيرة شباب هذه الأمة، وهو من أسس لشكل الدولة المصرية المتجبرة على شعبها، وهذه أمور لا يمكن تبريرها، لأننا لو فعلنا فإننا إذن نسمح بتكرار مثل هذا التعذيب من جديد وهو مازال مستمرا.

على كل من يرفع اسم عبد الناصر كواجهة سياسية له أن يشجب ما حدث من انتهاكات لحقوق المصريين، بل إنى أرى أن الدولة المصرية مسئولة عن تعويض من نالهم أذى التعذيب ورد الاعتبار لهم، نحاول هنا أن نخلق أوضاعاً جديدة لوطن جديد يختلف أبناؤه فلا يتقاتلون، ويتبعون أيديولوجيات مختلفة دون أن يقهر أحدهم الآخر.

قبل أن أنتهى من هذه الكلمات، أحب أن ألفت الانتباه إلى أن العديد من قيادات الإخوان المسلمين يبدون درجة عاليه من التسامح ومحاولة تخطى الجراح التى أصابتهم، أخص بالذكر منهم الأستاذ فريد عبد الخالق فى شهادته على العصر فى قناة الجزيرة.
دمتم بخير، لكم التحية ولمصر الحب كله.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة