على سرير المرض بمركز الكلى بالمنصورة يرقد الفنان الكبير عدلى رزق الله، يتلقى العلاج المكثف من وعكة صحية نرجو أن يعبر منها على خير، وأن يمن الله عليه بالشفاء العاجل.
والفنان عدلى رزق الله قيمة فنية كبيرة على مستوى مصر والعالم، فهو رائد فن "الأكواريل" الذى استطاع أن ينقل لوحة الألوان المائية من خانة الرقة والخفة إلى خانة الرصانة والملحمية، يشهد على ذلك عمله الدءوب على مدى 40 عاما بين القاهرة وباريس ومعارضه فى عديد من الدول العربية والأوربية، كما يشهد على ذلك عطاؤه الممتد فى مجال صناعة كتب الأطفال ذلك الفن الصعب الذى يحتاج وعيا وإصرارا على الرهان على مستقبل هذا الوطن.
رحلة طويلة قدم فيها الفنان عدلى رزق الله الكثير من خلال لإصراره على الإبداع لمقاومة القبح والتشوه، عندما لمس تراجع مستوى التعليم فى المراحل السنية الأولى، أطلق مشروعه لتعليم الأطفال بعنوان "العب وتعلم"، وناضل حتى يرى المشروع النور فى أفقر المدارس المصرية، رغم العروض التى انهالت عليه من عديد من الدول العربية والأجنبية لتدريس المشروع و"تغريبه"، وكنت شخصيا أحد شهود ورش العمل فى مدارسنا المكدسة، وكيف تجاوب أطفالنا الصغار بفضل هذا المشروع وتعلموا منهج النقاش والتساؤل بدلا من الحفظ والتلقين.
فى ذروة الأحداث الطائفية البغيضة فى الصعيد أطلق عدلى رزق الله دعوته للكتاب والفنانين بمواجهة التطرف بالإبداع وأسهم فى خلق حالة إبداعية يمتزج فيها الفن التشكيلى بالشعر بالغناء، والدعوة للقراءة والتفاعل مع الجمهور، وقدم حالته الإبداعية فى مدن وقرى الصعيد، وهو القادر على الاكتفاء بجمهوره الفرنسى وموقعه العالمى ومرتادى معارضه من الصفوة مصريين وأجانب.
عندما لمس عدلى رزق الله تراجع القدرة الشرائية للمثقفين والكتاب والجمهور المصرى من مقتنى الفن التشكيلى وجدها فرصة للتحذير من تراجع الذوق العام، ومواجهة هذا التراجع بأسلوب مبتكر عبر إقامة عديد من المعارض تدعو إلى تعليم البسطاء قراءة اللوحة التشكيلية، لأنه كان يؤمن بأن النضال ليس فقط ضد الاستبداد، ولكن ضد الجهل والقبح فى المجال الأول.
الفنان عدلى رزق الله بما يمثله من قيمة ثقافية وفنية كبيرة يرقد الآن على سرير المرض.. أدعوا له بالشفاء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة