محمد حماد

سفن الحرية ومراكب العجز

الإثنين، 31 مايو 2010 07:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
والله لا أجد فى نفسى رغبة فى الكتابة، الحبر لا يقارن بالدم، والكلمة مهما كانت قوتها لن تدفع الموت عن إنسان أعزل أكلت إنسانيته قذيفة النار وحولته إلى بقعة دم تطفو على سطح الماء، كيف لكلمة مهما تعملقت أن تفى هذا الإنسان النبيل حقه من الرثاء، ذلك الذى كان بالأمس تسكنه الرغبة فى أن يكسر الحصار الظالم المفروض عنوة واقتدارا على شعب يتوجع كل يوم من ألم واحتلال وحصار، وكيف يكون للكلام معنى ونحن نرى حكام العرب لا شىء يستثير غضبهم، ولا صرخة طفل توجع قلوبهم، ولا دمعة امرأة ثكلى تبعث نخوتهم، ولا جبروت العدوان يحرك غضبهم، ولا شىء يوقظ ضمائرهم، ترى هل لهم ضمائر؟!

نحن الذين نستحق الرثاء، وليس هؤلاء الذين قضوا فى أنبل جهاد، الجهاد بالنفس فى مواجهة طغيان القوة وفجور العدوان، نحن الأحق بالرثاء، انظروا إلى تركيا، شعب حى، وحكومة منتخبة، وسيل من الإجراءات رداً على عدوانية إسرائيل وعنصريتها واغترارها بقوتها، لا بيانات شجب، ولا كلام إنشائى لا قيمة له، بل مواقف على الأرض، ومبادرات للعمل فى مواجهة جريمة حرب موصوفة فى القانون الدولى، وزير الخارجية يتوجه من فوره إلى مقر الأمم المتحدة داعياً إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن، وهو تحرك يمكن أن يستغرق منا نحن العرب أسبوعاً كاملاً، نقضيه فى الدعوة إلى اجتماع لمجلس الجامعة العربية، تتلكأ بعض الحكومات، وتنتظر الموقف الأمريكى، وتضيع أيام الأسبوع فى كلمات الإدانة اللفظية، وبيانات يندد فيها بعضنا بمواقف البعض الآخر، ثم نختلف إذا اجتمعنا هل نتوجه إلى مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة للنظر فى الهمجية الإسرائيلية، أم نؤجل الطلب إلى حين تفرغ الإدارة الأمريكية من تحديد موقفها مما جرى.

لم تكتف تركيا بالدعوة إلى جلسة مجلس الأمن، بل سارعت إلى استدعاء سفير إسرائيل فى أنقرة وأبلغته احتجاجاً رسمياً شديد اللهجة تجاه ما حدث، وسحبت سفيرها من تل أبيب، وأعلنت الحكومة التركية وقف ثلاث مناورات عسكرية كانت مقررة بين الجيش التركى والعسكرية الإسرائيلية، وحتى كتابة هذه السطور لم يكن رئيس الوزراء التركى قد وصل إلى عاصمة بلاده بعد أن قطع زيارته إلى كندا، ويتوقع المراقبون المزيد من الإجراءات الأكثر قسوة فى مواجهة العدوانية الإسرائيلية عقب وصوله إلى أنقرة صباح الغد.

الفرق بينا وبينهم أن لديهم حكومة منتخبة تعرف قيمة الشارع التركى الذى ابتعث غاضباً منذ الساعات الأولى لوقوع الجريمة الإسرائيلية، حكومة لا يمكنها أن تعاند مشاعر هذا الشارع، ولا فى مكنتها أن تقف فى وجهه، لأنها تعرف أن بقاءها فى الحكم مشروط برضا هذا الشعب، وبأصواته فى صناديق الانتخابات.

أما حكوماتنا العربية التى تأتى بالوراثة أو بالانقلابات العسكرية أو بالصدف التاريخية، فهى لا تقيم وزناً لمشاعر شعوبها وتعرف أن بقاءها فى السلطة مرهون بقدرتها على قمع هذه الشعوب وبرضا السيد الأمريكى، لذلك فالمواقف مختلفة، ولذلك لا يصدر عنهم غير بيانات باهتة لا قيمة لها ولا وزن.

لا قرار لهم، ولا خير فيهم، ولا فى اجتماعهم، جمعهم هراء، وكلامهم هواء، تنقله ميكروفونات، وتبثه فضائيات، اتفاقية الدفاع المشترك أعلنوها اتفاقية للعجز المشترك، روح التضامن العربى أزهقوها على مذبح الرضا السامى الأمريكى، وحدة الصف الفلسطينى جعلوها شماعة يرفعون عليها العلم الإسرائيلى، حتى الدم الفلسطينى جعلوه قرباناً يستبقون به جثثهم فوق مقاعد السلطة، اتفقوا على أن يختلفوا، واختلفوا على من يسبق إلى الأحضان الأمريكية، يجدّون فى مرضاة العدو، ويتخاذلون عن نجدة الشقيق، بأسهم بينهم شديد، وبأسهم على عدونا ضعيف، أعطوا إسرائيل الحق فى أن تتم عمليتها وتحقق المستهدف المشترك بينها وبينهم، كأنهم فوضوها فى أن تفرض الحصار نيابة عنهم، هى تحقق هدفها المزمن بحصار المقاومة، وهم يتخلصون من حكومة جاءت بالانتخاب الحر المباشر، وهى طريقة للحكم لا يحبذون وجودها على حدودهم.

استقالوا من أى قدرة على الفعل، وسيعيدون التأكيد من جديد على أنهم الأشخاص الخطأ، فى المكان الخطأ، وفى الزمان الذى يحتاج غيرهم، كلما ازدادت عدوانية إسرائيل ازداد عجزهم، تقرصن إسرائيل سفن الحرية، فلا يملكون حيالها غير أن يمتطوا مراكب العجز.


موضوعات متعلقة

إسرائيل تمنع نشر أى معلومات عن ضحايا "أسطول الحرية"
إصابة الشيخ"صلاح" بجروح فى هجوم أسطول الحرية
هنية: مهاجمة الأسطول "جريمة سيكون لها تداعياتها"
موسى يقطع جولته ويعقد اجتماعًا طارئًا
إعلان الحداد فى فلسطين على ضحايا الهجوم الإسرائيلى
الخارجية التركية تدين الهجوم على قافلة المساعدات
سقوط 16 قتيلاً فى الهجوم الإسرائيلى على "أسطول الحرية"
رغم قصف أسطول الحرية ..قطر تستقبل وزير صناعة إسرائيل
نائبان من كتلة الإخوان ضمن معتقلى قافلة الحرية بإسرائيل
الخارجية تدين القصف الإسرائيلى لأسطول الحرية
مبارك يستنكر لجوء إسرائيل للقوة ضد أسطول الحرية





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة