بسمه موسى

تحرى الحقيقة

الأحد، 09 مايو 2010 07:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هالنى ما حدث قبل أيام فى لبنان البلد الجميل وواحة المحبين للطبيعة وصفائها، البلد ذى الحضارة والفنون منذ آلاف السنين، فقد شاهدت مقتل شاب والأفظع من ذلك التمثيل بجثته أمام أعين الأطفال والسيدات، مشهد يصعب على العين رؤيته، والسبب اتهامه بجريمة قتل لم يتم التحقيق فيها بعد ولم يثبت إن كان مدانا أم لا وأنا هنا يعنينى مبدأ إلهى هام هو "تحرى الحقيقة".

فماذا إذا أثبتت التحقيقات أنه برىء من هذه الجريمة؟؟ فكم من ظلم يفعله بنو البشر بعضهم لبعض لعدم تحريهم الحر عن الحقيقة.

فالحقيقة نور ينير الدروب المظلمة ويفتحها إلى عالم شمسها المضيئة المتجلية بكل الحق على العباد. فأثناء رحلة البحث عن الحقيقة- أى حقيقة- علينا أن نتحلى بالصبر والإنصاف حتى تظهر لنا بكل شفافية خالية من أى تعصبات علقت فى صدورنا نتيجة لظلم وقع وحاق بنا.

إذا أردنا أن نصل إلى الحقيقة- أى حقيقة– فعلينا أن نحرر أنفسنا من جميع التعصبات لكى لا يحول ذلك بيننا وبين الحقيقة وحتى نرى الأشياء ببصيرة نيرة وعقل سليم، منزه عن الأغراض الشخصية، فحينما نظن أننا على حق وأن غيرنا على باطل يصبح تصورنا هذا أعظم مانع فى سبيل الاتحاد وتنطمس معه كل مرايا الحقيقة بطريقة يصعب الوصول إلى نورها الذى يسطع فى الأرجاء، فعلينا أن لا نتقيد بها حتى تتجلى لبصائرنا الحقيقة مثل الشمس الساطعة ونصل إلى المقصود، إلى ما نبحث عنه بكل صدق وشفافية.

كذلك يتوجب على الإنسان أن يتخلى عن التقاليد السلبية التى ورثها عن الآباء والأجداد أو ما اقتبسه من أفكار سلبية إثناء رحلته فى الحياة، وما لم نترك التعصب فكيف نستطيع أن نظهر الحقيقة؟ فالتعصب العرقى أو الجنسى أو اللونى أو العقائدى يَهوى بالنفس البشرية إلى أعماق سحيقة من الظلم للآخرين.

إن صفة الإنسانية هى تاج يزين رأس كل فرد وهو يتمتع به مع باقى سكان الأرض الذين يشكلون الجنس البشرى بكل تنوعه، لذا على الإنسان أن يساوى بينه وبين البشر لأنهم هم عباد الله وهو خالقهم ورازقهم جميعا، وهو أيضا رؤوف رحيم بهم وعنايته تشمل الكل، لا يفرق بينهم ويحاسبهم ويكافئهم ويجازى المخطئ منهم.

فحينما ننظر إلى التاريخ البشرى سنرى أن العالم الإنسانى منذ البداية متوجها نحو الكمال إلا أنه لم يصل إلى درجة الرقى بعد، وقد شهدت القرون الأولى والوسطى وحتى القرون الأخيرة حروبا مستديمة لأسباب عديدة من التعصب، تهدمت على إثرها مئات الآلاف من البيوت وتيتم ملايين الأطفال وثكلت الأمهات فى أولادهن وأزواجهن، لأن عالم البشر لم يصل بعد إلى عالم البلوغ والكمال. إن هذا التعصب الهمجى الذى تسببه الحروب فى عالم اليوم لائق بعالم الحيوان الذى ليس له عقل أو فكر، وما يليق بالإنسان هو المحبة، أما الحروب والعداءات والقتل بدون تحرى الحقيقة لائق فقط بالحيوانات التى لا عقل لها والتى تفترس بقدر ما يلزمها لزيادة قدرتها ومع هذا فالحيوانات لا تفترس أبناء جنسها.

لقد خلق الله الجميع جنسا واحدا وجميعهم من سلالة آدم وخلق الأرض كرة واحدة ليعيشوا جميعا فى وطن واحد وأرسل الرسل والأنبياء لتعليم المحبة وكان الدين الإلهى أساس المحبة ولكن للأسف جعل الناس كل ما كان سبب الألفة والمحبة علة العداوة وحدثت باستمرار حروب متنوعة سواء كانت حروبا عرقية أم دينية أم سياسية أم وطنية فعلى ماذا هم مختلفون؟ فلو تحرى الجميع عن الحقيقة فسوف يتبدل كل مطمور فى الأرض إلى معمور|، لأن بنور الاتحاد بين شعوب الأرض ستتحول الفرقة إلى وفاق أى تعمير وبناء وخير ونماء وسلام لكل البشر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة