ارتكبت إسرائيل جريمتها البشعة وقتلت 19 ناشط سلام وجرحت نحو خمسين آخرين وروعت العالم أجمع، ثم ماذا؟ أعلن مجلس الأمن عن اجتماع طارئ مساء أمس لبحث العدوان الإسرائيلى، وتمخض اجتماعه عن بيان، مجرد بيان أعربت فيه الدول الأعضاء عن "أسفها العميق للأرواح التى فقدت فى العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قوافل الإغاثة المتوجهة إلى قطاع غزة.. وأدان استخدام القوة الذى أدى إلى "إزهاق أرواح مدنيين وإصابة آخرين".
وطالب البيان كذلك بالإطلاق الفورى لسفن الإغاثة وللمدنيين الذين اعتقلتهم إسرائيل، وحث السلطات الإسرائيلية على ضمان "وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وإجراء تحقيق متكامل حول الجريمة خلال 30 يوما مع تحمل إسرائيل مسئولياتها طبقا للقانون الدولى والقانون الإنسانى الدولى.
إلى هنا والبيان يحمل صيغة يمكن البناء عليها ومحاسبة المعتدين وفق القانون الدولى، وإن كانت هذه الصيغة حاملة لثغرات تكفى لتبريد الجريمة وإفلات المجرمين مثلما أفلتوا فى السابق فى جرائم مشابهة وآخرها جريمة العدوان الغاشم على غزة الذى حقق فيها القاضى الجنوب أفريقى جولدستون ثم وضعت المؤسسات الدولية تقريره فى أدراج النسيان.
السلبى فى هذا البيان تلك الصيغة المائعة فى نهايته التى أعرب فيها واضعوه عن أسفه لوقوع هذه الحادثة بينما كانت تجرى المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وحث الطرفين على ضبط النفس وتجنب الأعمال الأحادية والمستفزة، وهكذا يبدأ التمييع وضياع الحقوق عبر المساواة المجحفة بين الجلاد والضحية كأنهما طرفين على مائدة مفاوضات، وهنا يثور السؤال حول دور المجموعة العربية ودول منظمة المؤتمر الإسلامى والدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية فى قارات العالم الست، كيف سمحت بهذه الصيغة الظالمة التى تعتبر استكمالا للعدوان الإسرائيلى بحق.
إذا كانت النية داخل مجلس الأمن تتجه فعلا لمحاسبة المعتدين، كنا شهدنا مناقشة ملف الاعتداء وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وفق المواد 41 و42 و43 منه والتى تنص على حق مجلس الأمن فى تقرير ما يجب اتخاذه من التدابير التى لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الديبلوماسية وإذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها فى المادة 41 لا تفى بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولى أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال التظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة.
كما تحمل المادة 43 تعهد جميع أعضاء "الأمم المتحدة" فى سبيل المساهمة فى حفظ السلم والأمن الدولى، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولى، فهل هناك تهديد للسلم الدولى أكبر مما ارتكبته إسرائيل؟
السؤال للأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن والأنظمة العربية، هل المقاومة هى الدافع لإجبار مجلس الأمن لحفظ الأمن والسلم الدوليين؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة