إصرار عجيب على إدانة القتيل وتبرئة القاتل والصاق، كل التهم بالشاب خالد سعيد، وقد فشل البيان الحماسى الذى أصدره مصدر مطلع- لم يطلع على حاجة- فى تقديم أى تبرير أو تفسير للدمار الذى تعرض له الشاب، والصور خير تعبير عن التعذيب والضرب والسحل الذى مارسته أيدٍ مجهولة مع أنها معلومة، كما أن شهادات الشهود ومنهم صاحب السيبر تؤكد أن خالد تم اختطافه وقتله فى مدخل عمارة بجوار المكان، لكن البيان المطلع يزعم أن خالد كان يتاجر فى المخدرات أون لاين أو يصوره وكأنه يستقبل شحنات المخدرات عبر وصلة الإنترنت الموصلة للبحر الأبيض.
تصر الداخلية إلحاحا على أن تتبنى وجهة نظر القتلة، وتدافع عنهم ببيانات تحمل الشاب القتيل مسئولية تعذيب نفسه وتشويه وجهه وتكسير جمجمته وتصوره كأنه ريا وسكينة أو الخُط أو أبو رجل مسلوخة مع أن صوره تكذب هذا، وتتجاهل البيانات إياها الكثير من الأسئلة وتستبق التحقيقات وتصدر بنفسها تقرير طب شرعى لم يصدر، وقرار نيابة لم يحدث، ولو كانت الداخلية حريصة على نفسها لسارعت بتقديم الجناة للتحقيق بدلا من الدفاع عن الباطل.
الصور والشهود تؤكد أنه راح ضحية غدر وعنف وإرهاب، وأن خالد سعيد يدير شركة استيراد وتصدير ولم يكن عاطلا، كما أنه أنهى خدمته العسكرية ولم يكن هاربا من التجنيد ولايوجد حكم قضائى يدينه كما يزعم الزاعمون، ويشكل قتل خالد سعيد جريمة من الصعب السكوت عنها أو تجاهلها ولا يمكن لمجنون أو عاقل أن يصدق أنه فعل كل هذه الجرائم التى تضمنها بيان المصدر المسئول الذى يشكل فى حد ذاته إدانة للحماقة واتهاما لميت بأنه حاول الانتحار.
ولو افترضنا صحة الاتهامات فهل تشكل مبررات للقتل والسحل، وكيف يمكن تفهم التشويه والتحطيم والكسور التى أصابت خالد فهل عذب نفسه أم لأنه بعد أن مات خرج لينتحر مثلا، ولم نسمع عن ميت انتحر أو ضرب نفسه إلا فى بيان الداخلية، والأولى أن يتم الاعتراف بالجريمة وتقديم فاعليها للمحاكمة بدلا من الصمت ومحاولة التستر على متهمين.
البيانات التى تسربت نسبت للنيابة وتقرير الطب الشرعى كلاما لم يحدث، وتقرير الطب الشرعى لم يصدر حتى الآن، ويبدو أن الداخلية استعانت بطبيب صحة ليكتب تقريرا يزعم فيه أن خالد خنق نفسه بابتلاع باكيتة بانجو، ولايمكن لطبيب شرعى أن يتجاهل كل هذه التشوهات فى وجه وجسم القتيل ولايمكن للنيابة أن تتجاهل شكل الشاب وهيئته،وهى أسئلة مشروعة ومطروحة ولايمكن تجاهلها خاصة فى عصر الصورة والإنترنت، وعشرات الآلاف من الشباب وأهالى الإسكندرية والمحافظات الذين هزتهم الجريمة، والأجدى أن تتخلى الداخلية عن حماية المتهمين وأن تمارس النيابة دورها للتحقيق فى جريمة تعذيب وتعلن نتائج التحقيقات والمتهمين، ولا يمكن أن يلوم أحد هؤلاء الذين هزتهم الجريمة وانطلقوا فى حملات غضب على الفيس بوك أو تظاهروا احتجاجا، فهؤلاء يطلبون حق المجتمع. ولايمكن أن يكونوا كما وصفهم بيان المصدر المسئول أصحاب دعوات مشبوهة يمارسون الشحن ويشوهون، لأن من يشوه هو من يحاول التستر على مجرمين واضاعة حق شاب راح قتيلا. لأن البيان يعنى أن التعذيب مسئولية كل متعذب وأن وزارة الداخلية تحذر من أضرار التعذيب أو الاعتراض وتعطى رجالها حق القتل بلا سبب بل والصاق التهم بالقتلى.