انظر إلى صورته وستعرف أن الابتسامة أحيانا تعنى الألم، والشباب يعنى الحسرة، والأمل يعنى اليأس، والكرامة تعنى الإذلال، والنضارة تعنى الذبول، والفرح يعنى الحزن، والقوة تعنى الضعف، انظر إلى صورته وتأمل ابتسامته المجلجلة، ووسامته النضرة، وستتأكد من أن كل المعانى الجميلة التى نبحث عنها ونأمل فى تحقيقها، تحولت إلى كابوس مطبق على أعناقنا، بفعل فاعل "خسيس" و"متجبر" انظر إلى صورته، واوئد صرختك فى الحناجر، ودمعتك فى العيون، وآهتك فى صدرك، ولا تأمل فى عزاء ولا قصاص، فلا عزاء لمن قتل غدرا دون ذنب ولا محاكمة، ولا قصاص مادمنا خاضعين للقهر، صامتين عن الحق، مشتتين بين امتحانات الثانوية العامة، ومتابعة كأس العالم، ولكل منا ما يلهيه، ولك الله يا خالد يا سعيد.
لك وحدك يا خالد عزائى، ولك وحدك أسفى على ما نحن فيه، ولك وحدك مواساتى وألمى، عذابك عذاب، وآهتك نار تحرق الضلوع، دعنى أشاركك الألم ولو للحظة يا خالد، أعرف أنه مرير وقاس، لكنى أعرف أيضا أنك تحملته تحمل الأبطال، وأنك لم تسكت حينما أهانوك، ولم ترضخ حينما عذبوك، وأنك قابلت تجبرهم بإباء وشجاعة، فغاظتهم شجاعتك وقدرتك على التحمل، فزادوا عليك التعذيب كالمجانين المسعورين، حتى أفاقوا وأنت بين يديهم جثة هامدة، لكنهم هم الجثث يا خالد، صورتك عندى هى هى، تتغلغل فيها الابتسامة، وتشع منها الحياة، لن أنظر إلى بشاعة الصورالأخرى، وإن اضطررت إلى النظر إليها لن ألمحك فيها، سأراهم يا خالد، بقبحهم وبشاعتهم، هى صورة الظلم يا صديقى، الظلم الذى لم تستوعبه روحك، فغادرتنا خجلين من أنفسنا، مختبئين فى صغائرنا، مفضوحين فى خنوعنا وتبلدنا وانهزامنا.
لم أستغرب يا خالد من بيانات التبرير الوهمية التى صدعتنا بها وزارة الداخلية، وجعلت من الضحية جانيا، فأنت تعرف طبعا "قالوا للداخلية طلعى بيانا قالت جالك الفرج" وبيانات الداخلية يا خالد، تفجر الضحك المرير، السذاجة تظهر فيها وكأنها مكتوبة بلغة الغباء والزيف لا اللغة العربية الفصحى، لا تستغرب يا خالد، فلو كنت هنا لمت من الضحك، وكنت "هتهريهم تريقة" على غشمهم وفشلهم فى تأليف سيناريو محبوك يقنع البسطاء، لكنهم لم يمهلوك فرصة لتموت من الضحك، وقتلوك تعذيبا وتمثيلا بجثتك اليافعة.
يا خالد، تعالى معى لنقرأ قصيدة كتبها لك خالك الأبنودى، وبالمناسبة يا خالد بطل هذه القصيدة اسمه خالد أيضا، وأنت تعرف يا صديقى أن اسمك فى القصيدة ليس من باب تشابه الأسماء، وإنما من تشابه الابتلاء، وتشابه المصائر، وتشابه الأوطان، التى رفضت أن تتركها وتهاجر، فلم تتردد هى فى أن تذيقك مر العذاب، سيبك من البلد يا خالد، وسيبك من التعذيب واسمع الأبنودى وهو يقول على لسانك:
ويا أمى إن يسألوكى
لا يترعش لك حضن
ولا تحسى بحزن
وتقولى مات فى السجن
ساعتها يبقى الحزن بلا موضوع
والسجن بلا موضوع ..
والموت بلا أكفان ..
وكفاية جربنا سنين الموت بالمجان..
والتافه المتهان أهانا بالمجموع
أرأيت يا خالد كيف استطاع خالنا عبد الرحمن أن يتقمص صوتك؟ أرأيت يا خالد كيف شعر بما شعرت وذاق ما ذقت؟ أأعجبتك القصيدة؟.. إذن اقرأ معى هذا المقطع الذى يدافع فيه عنك، ويبرؤك من الاتهامات التى ألصقوها بك، أقرا يا خالد:
المتهم منشور كأنه العلم
ولا ابتسامته وهيه بترفرف
والتهمه واضحة وضوح الشمس
وليها نور يخطف
واقف سعيد راضى
يخوف القاضى
وعينه ما هياش للأرض
يا اللى مفهمتش ابتسامه الشهيد
إحنا بنفهم بعض
يا خالد.."يا أسمر يا أبو عيون سود.. فكيت طلاسم سحرنا المرصود" سيقول لك الخال فى قصيدة أخرى سبب مأساتك ومأساتنا، وسنرجع يا خالد لقصيدتك لكن بعد أن تقرأ هذا المقطع الكاشف المنير لظلام بيانات وزارة الداخلية، يقول خالك عبد الرحمن:
مأساتنا.. إن الخونة.. بيموتوا بدون عقاب ولا قصاص..!!
مأساتنا إن الخونة بيموتوا.. وخلاص
بدون مشانق فى الساحات.. ولا رصاص
على كل حال.. صدقى مازال!!.
صدقى على قيد الحياة
بيفجر الدم النبيل
ويبطش بالاستقلال
ويمرغ الجباه
تحت الجزم والخيل
ويفتح الكوبرى علينا
كل صبح وليل!!
لا تغضب لا يا خالد، لأن الخال تجاهلك فى هذا المقطع، وقال كوبرى عباس، فكوبرى عباس لا يختلف كثيراً عن كوبرى استانلى، لكن التجبر واحد، والجزم نفس الجزم، والبطش نفس البطش، وتفجير الدم النبيل هو ذاته، وبنفس القسوة والوحشية، والآن يا صديقى أدعوك إلى استعادة ابتسامتك الشفافة، ونظرتك المتطلعة، وشياكتك المعهودة، وبراءتك التى لم تستطع بيانات الزيف أن تزيلها، استمع يا صديقى للخال عبد الرحمن وهو يقول عنك:
بطل يقول ويطول
أسمر ولا يسابقه القفص فى الطول
من غير سؤال بيقر
والقبضة قابضة ع الحديد لا يفر
القاضى يستغبى
والمتهم بيصر
شمس الحقيقة تحِر
والمتهم
صامد
كل القضاة زايلين
والمتهم..
خالد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة