كنا تنفسنا الصعداء مع بوادر حل الأزمة بين القضاة والمحامين أول أمس بعد اللقاءات المكثفة التى عقدها الدكتور فتحى سرور مع نقيب المحامين حمدى خليفة ورئيس نادى القضاة المستشار أحمد الزند، بحضور أطراف أخرى من كلا المعسكرين، وكانت الأنباء الواردة بعد هذه اللقاءات تشى بوجود رغبة قوية لدى الجانبين فى الوصول إلى حل لهذه الأزمة الكبيرة التى بدأت من مستصغر الشرر- كما يقولون- ثم اشتعلت فعبرت عن غيرها من الأزمات التى يعانيها القضاة والمحامون.
القضاة والمحامون هم جناحا العدالة، وكما يُطلق عليهم القضاء الجالس والقضاء الواقف، وكلا المعسكرين له تاريخه المشرف فى السجل الوطنى وتراثه الكبير القانونى والسياسى، وكلا المعسكرين أيضاً يعانى من محاولات غير مسئولة للنيل من استقلاله أو المس بهيبته، وبقدر ما يدافع القضاة والمحامون عن استقلالهم وهيبتهم بقوة وحسم، بقدر ما أصبحوا مستفزين تجاه أى تصرف فردى قد يبدو للبعض مساساً بهيبتهم أو استقلالهم، الأمر الذى كان وراء تضخيم الحادث الفردى بين محامى طنطا ومدير النيابة هناك.
وبعد الجولة الأولى من الغضب فى كلا المعسكرين وإطلاق التصريحات النارية، يبدو أن القضاة والمحامين اكتشفوا أن مصلحتهم العليا ومصلحة البلد تقتضى حل هذه الأزمة سريعاً، خاصة بعد الإضراب الشامل للمحامين ونظر القضاة للدعاوى بدون دفاع المتهمين
وجاء التدخل من رئيس مجلس الشعب فى وقته، حيث توصل بالتفاوض بين الجانبين إلى صيغة للخروج من مأزق حبس محامين طنطا ونزع فتيل الاحتقان باقتراح تعيين قاضى تحقيقات مستقل، للنظر فى أى خلاف يطرأ مستقبلاً بين القضاة والمحامين، والتحقيق فى واقعة الاعتداء على المحامى العام بطنطا.
انتهى أول أمس على هذا الأمل الذى ينزع فتيل أزمة لا يحتاجها البلد أبداً ولا تنقصه، وهو الغارق فى أزماته ومشكلاته، وجاء الأمس فانقلب الأمل إلى ألم مع اشتعال الموقف من جديد وكأن يداً خفية صعب عليها أن تلتئم الجراح سريعاً بين جناحى العدالة فى مصر، وأفقنا على تقديم 10 آلاف محام بلاغاً إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ضد المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة وعدد من أعضاء النادى يتهمونهم بإهانة المحامين ومهنة المحاماة، رداً على بلاغ المستشار الزند و800 قاض آخرين للنائب العام أيضاً ضد نقيب المحامين حمدى خليفة ومنتصر الزيات عضو مجلس النقابة السابق اتهموهما بإهانة الهيئات القضائية.
كما توالت التصريحات من الجانبين التى تعكس شعور قيادات كل جانب بأنهم مستهدفون وتمضى فى اتجاه التصعيد لا الحل، وكأن لقاءات رئيس مجلس الشعب والحلول السريعة التى تم الإعلان عنها قد سعت جهات ما إلى إفسادها والإبقاء على الأزمة مشتعلة مرحليًًّا، ربما تنجح مع أجواء المونديال المشحونة فى إلهاء الأغلبية الصامتة بعد أن بدأت الخروج عن صمتها
لا أعتقد أن قضاتنا الشرفاء الذين نُجِلُّهم ونحترمهم ونعقد عليهم الآمال يغيب عنهم أن أزمتهم مع المحامين كارثة بكل المقاييس، كما لا يغيب عن المحامين المصريين أصحاب التاريخ الحافل فى النضال ضد كل عدوان وظلم أن أزمتهم مع القضاة لا تخدم سوى كارهى هذا البلد، إذن ماذا ينتظر الجانبان لاحتواء هذا الألم الذى يمسنا جميعا؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة