مع احترامى لكل الزملاء العاملين فى كرة القدم المصرية ومع اقتناعى الكامل أن الملايين من عشاق الكرة المصرية يستمتعون حاليا بمشاهدة مباريات المونديال التى ترتفع فى كل عناصرها بمئات الدرجات وربما أكثر عن مستوى مبارياتنا المحلية البطيئة أو المتوترة أو الحافلة بالشغب.
إلا أننى ومع الأسف الشديد لا أرى أننا كمصريين حققنا أى نوع من المكاسب من نهائيات كأس العالم لكرة القدم والمقامة حاليا فى جنوب أفريقيا.
والبداية قديمة جدا فى صيف 2003.
تعود سبعة أعوام إلى الوراء عندما انزلقنا بسذاجة وعدم وعى إلى التقدم بطلب تنظيم المسابقة إلى الفيفا دون أن نعلم أن الأمور مرتبة سلفا لمنح النهائيات إلى جنوب أفريقيا.
وكانت خسارتنا الأولى قاسية فى مايو 2004 عقب صدور قرار اللجنة التنفيذية للفيفا.. وحصولنا على صفر المونديال.
وبعدها فشلنا وللمرة الخامسة على التوالى فى التأهل إلى المونديال رغم أننا كنا أبطال القارة لمرتين متتاليتين 2006 و2008 وكان لدينا أضعف وأسهل المجموعات.
وازدادت المرارة عندنا بخسارتنا أمام الجزائر بعد أحداث مؤلمة.
وانتظرنا قدوم النهائيات لنستفيد منها عبر زوايا مختلفة سواء كانت فنية أو تنظيمية أو تسويقية أو إعلامية.
ولكن الأيام الأولى من النهائيات كشفت عن فشلنا الدائم والمستمر فى الاستفادة من الأحداث الكبيرة سواء لبخل الجهات المسؤولة عن الرياضة والإعلام، بداية من المجلس القومى للرياضة ومرورا بالاتحادات الرياضية والأندية المختلفة والمؤسسات الصحفية المتنوعة والقنوات التليفزيونية الخاصة، ونهاية بالعاملين فى المجال أنفسهم.. ولم تفكر أى جهة ولم يتقدم أى شخص للسفر إلى جنوب أفريقيا للاقتراب من أرض الواقع.
ولنبدأ بالمجلس القومى واللجنة الأوليمبية واتحاد الكرة وهى الجهات الثلاث الكبرى التى يمكنها التعاون فى حالة تنظيم مصر لبطولة عالمية كبرى لكرة القدم أو اللعبات الأخرى.
وبالطبع لم يفكر أى مسؤول فى الجهات الثلاث فى الإعداد للأمر أو فى صناعة وإعداد كوادر ممتازة مسلحة بالعلم والخبرة.
ونصل إلى الأندية.. وأتعجب من تجاهلها للنهائيات.
ولو حرص كل ناد من أندية الدورى الممتاز على إرسال مدربين أو ثلاثة من أبنائه إلى جنوب أفريقيا لمشاهدة التدريبات المفتوحة لأفضل المنتخبات العالمية مع التواجد فى الملاعب لمشاهدة المباريات.. وهى فرصة عظيمة لدراسة أساليب اللعب والخطط التى يطبقها كبار المدربين وكيفية تنفيذها وتعديلها.
كان يمكننا أن نكسب عشرين أو ثلاثين مدربا على مستوى عال وكلهم حاصلون على شهادة خبرة عملية من المونديال.
ولكن كل الأندية وبلا استثناء لم تهتم أو لم تفكر.
وعنصر التسويق المشترك بين الفيفا واتحاد كرة القدم فى جنوب أفريقيا مع عشرات الشركات والهيئات العالمية يمثل ذروة النجاح وغاية أى جهة رياضية.
والتواجد فى تلك الأوساط والأجواء والاقتراب من رجال التسويق الرياضى فى جنوب أفريقيا يمثل حصصا مجانية أو فصلا دراسيا لا يقدر بثمن.. وكان حريا بالأندية الإسراع بإرسال رجالها المؤهلين علميا ولغويا إلى المونديال ليعودوا لنا بحصيلة متقدمة ومبتكرة ومتطورة فى عالم التسويق.
ولكن لا حياة لمن تنادى.
ونتجه إلى المدربين أنفسهم.. وأغلبهم ومن فضل الله من القادرين ماليا على الإنفاق على رحلة خاصة إلى جنوب أفريقيا لتأهيل أنفسهم عمليا وعلميا.. ولكن الأغلبية من القادرين يفضلون التفرغ لمهام فى تحليل المباريات عبر الشاشات المحلية والعربية أو التفاوض مع الأندية أو النزهة مع الأهل فى فصل الصيف.
والختام مع رجال الإعلام.
وعدد المصريين من الإعلاميين الذين ذهبوا إلى جنوب أفريقيا من كل الصحف والقنوات يقل كثيرا عن الممثلين لأى صحيفة رياضية فرنسية أو إيطالية أو يابانية أو برازيلية.. مما يبعث على الحزن والخجل معا.
وأتساءل.. هل هناك مكان فى العالم يمنح الإعلامى خبرات عملية مثل نهائيات كأس العالم لكرة القدم أو دورة الألعاب الأوليمبية؟
وهل يؤدى غياب منتخب مصر عن النهائيات إلى تلك المقاطعة التامة للحضور لأننا غير مشاركين؟
العالم يتقدم فى دنيا الرياضة ونحن نسير مكاننا أو نتأخر للخلف.
لا أرى أبدا أى شعاع أو بصيص من الضوء فى نهاية الممر لكى أنتظر منه أملا نحو تطور أو تقدم فى المستقبل القريب.
والعلاج الوحيد فى الوقت الحالى هو إعادة الأمور إلى نصابها. أولا بإعادة الهيكل الوزارى إلى الرياضة لتصبح وزارة كاملة لها كل حقوق الوزارات والقطاعات الأخرى.
وأن تمنحها الدولة ميزانية ضخمة لا تقل أبدا عن ميزانيات الصحة والتعليم والنقل باعتبارها مرفقا له نفس الأهمية أو أكبر.
وأن نمنح العلم مكانا متقدما فى كل اختياراتنا لرجال الرياضة سواء فى الوزارة المزمع إنشاؤها أو فى إدارات الاتحادات والأندية والإعلام والتسويق.
لم يعد الأمر مبشرا.. فالحقوه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة