عمارة افرجرين فى وسط البلد تم إخلاؤها بعد حدوث تصدعات فى أعمدتها والخوف من انهيارها، وتم تشكيل لجنة هندسية للفحص ومعرفة أسباب الانهيار، العمارة القائمة فى وسط البلد عمرها ثلاثون عاماً فقط، أى أنها مقامة فى الثمانينات، تماماً مثل المبنى الجنوبى للمعهد القومى للأورام، الذى تم إخلاؤه من المرضى لخطورته واحتمالات سقوطه، ظاهرة سقوط عمارات السبعينات والثمانينات بدأت مع زلزال 92 عندما انهارت عمارة كاملة فى مصر الجديدة وتبعتها عمارات أخرى، وفى الإسكندرية تكرر الأمر مع عمارة لوزران وغيرها، الغش وراء انهيار هذه العمارات الحديثة التى لم تكمل الثلاثين عاماً، بينما تقف مبانى عمرها أكثر من 200 سنة وهناك مبانٍ من أول القرن أو الثلاثينات أو الخمسينات والستينات لم تواجه هذه الأزمة، بينما المبانى الأحدث تتعرض للانهيار ومنها عمارة فيرمونت فى وسط البلد.
الانهيارات تعنى وجود أخطاء فى الأساسات وغش فى المون من أسمنت وحديد، وهى صفات لم تكن موجودة من قبل، ووراءها فساد فى الإدارات الهندسية والمحليات.
اللافت للنظر، أنه بالرغم من مرور شهور على اكتشاف تصدع المبنى الجنوبى لمعهد الأورام لم تعلن نتائج التحقيقات، مع أن الشركات التى أقامتها معروفة وملفاتها متوافرة.
وبالرغم من تعدد ظاهرة انهيار عمارات السبعينات والثمانينات لم يحدث أن توصلت التحقيقات إلى الأسباب وراء هذه الكارثة، ومع أن الحكومة أيام زلزال 1992 أعلنت عن فحص شامل للمبانى لتحديد العيوب والأخطاء ومحاولة منع تكرار الانهيارات، فإن القرار كان مثل غيره للاستهلاك الإعلامى، ولا نعرف عدد العمارات والمبانى الآيلة للسقوط خلال الفترات القادة، خاصة أنه لو حدثت أى هزة أرضية ربما لن تكون العواقب سليمة.
لقد اعتدنا ألا نتحرك إلا بعد وقوع الكوارث، وتصدر قرارات سريعة ومتعجلة لتبرير الأخطاء مع وعد بإنهاء أصل المشكلة، وهى أمور لا تحدث أبداً، ونتذكر أنه مع كل حريق فى مبنى أو عمارة تتحدث الحكومة عن إجراءات الأمن فى المبانى وضرورة إلزام الجميع بها، لكن لا أحد يراجع تنفيذ القرارات، فتتكرر الحرائق، وفى زلزال 92 كان الحديث عما سمى وقتها "كود للمبانى" يحدد الشروط الواجب توافرها ولم يتم الانتهاء من هذا الكود، ويبدو أن الكود هنا ليس هندسياً ولا صناعياً، بل هو كود سياسى، يتعلق بعملية غش فى اختيار المسئولين وغش فى تعيين المحاسيب وغش فى التشريعات وتنفيذها، والغش هنا أخطر من غش الحديد والأسمنت، لأنه يعرض مبنى الدولة كله للخطر، مع غياب الكود السياسى، يمكن توقع انهيارات أخرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة