عزيزى المواطن الذى اختار بنفسه وبكامل إرادته أن ينزل إلى الشارع بالأمس فى عز الحر والرطوبة والزحمة لكى يمارس حقه الدستورى فى الإدلاء بصوته فى انتخابات مجلس الشعب.. اسمح لى أن أقول لك إننى فرحان فيك وفى كل اللى حصلك.. ألم أخبرك هنا وفى نفس المكان منذ 48 ساعة فقط أن صوتك أمانة ولكى تصون هذه الأمانة لا تذهب لكى تدلى بها فى صناديق الانتخابات المزورة التى تدخل فيها أصواتنا وهى تقول "لا" وتخرج منها وهى تقول "نعم" لمرشح الحزب الوطنى طعبا..
بالطبع رأيت ما حدث بالأمس فى انتخابات الشورى.. بالطبع رأيت البلطجة والتزوير الذى يتم عينى عينك، واللجان الذى يتم تقفيلها منذ الصباح الباكر.. وبالطبع سألت نفسك ما الذى يدفع دولة تدعى أنها دولة مؤسسات قوية ويدعى حزبها أنه حزب الأغلبية إلى ممارسات تلك الأفعال الساذجة؟ ما الذى يدفع دولة تقول إن الإخوان مجرد قلة قليلة مندسة لا تأثير لها ومجرد جماعة محظورة لا شعبية لها أن ترتعد وتخاف بهذا الشكل المفضوح من 15 مرشحا إخوانيا لو نجح منهم عشر لن يهز ذلك فى رأس مجلس الشورى أو رأس الدولة أى شعرة؟
إنها طفولة سياسية ياسيدى ونظام حكم قرر أن يحكم بالبلطجة والتزوير منذ أول لحظة حتى آخر نبض فى قلبه، والأغرب من كل هذا هو ذلك الحرص الذى أظهرته الدولة طوال الأسابيع الماضية بسيل من الإعلانات الذى يدعو الناس للمشاركة..
عجيب أمر المسئولين فى النظام الحاكم يطلبون منا نحن المواطنين وبإلحاح أن نذهب إلى صناديق الاقتراع ونشارك فى العملية الانتخابية وكأن التقصير من جانبنا، يطلبون منا أن نذهب لكى نؤدى الأمانة وندلى بأصواتنا فى عملية انتخابية لم نضمن بعد نزاهتها وحينما نصدق ونذهب للمشاركة نجد الصناديق وقد أغلقت والأموات عادوا من عالمهم الآخر وتكفلوا بتقفيل الصناديق نيابة عنا، والبلطجية تكفلوا بالباقى منا الذى يصر على ممارسة حقه الديمقراطى بناء على تعليمات إعلانات التليفزيون.. وإذا كان كل هذا التوتر وكل تلك البلطجة شهدتها انتخابات الشورى التى كانت طول عمرها هادئة، فما الذى سيحدث فى انتخابات مجلس الشعب التى سيشارك فيها الإخوان بعدد أكبر؟ بالتأكيد ستكون مجزرة وبالتأكيد ستكون قمة فى التزوير والبلطجة، فلماذا نذهب إذن إلى لجان الاقتراع طالما النتيجة ستخرج من كنترولاتكم الحكومية وليس بناء على أصواتنا الشعبية الحرة؟
أنا لا أدعو للمقاطعة أو غيرها من الأفكار المحبطة أنا فقط أتحدث عن الواقع حتى لا يصبح الأمر وكأنه فيه ديمقراطية وانتخابات بينما الحقيقة أننا نعيش تمثيلية، أنا أتحدث عن ضرورة توفير الضمانات اللازمة لنزاهة العملية الانتخابية حتى ولو كان هذا الضامن هو حماية صناديق الاقتراع وأوقات الفرز بدمائنا وأجسادنا، أنا أتحدث عن توفير مناخ يسمح للشرفاء وأصحاب العقول بأن يكونوا هم المرشحون وليس أصحاب المال والنفوذ وشهادات فك الخط.. وحين تتوفر كل هذه الأشياء بالمزيد من الضغوط من جانبنا والمزيد من الإصلاح من جانب الحكومة لن نحتاج إلى أى إعلان يشجعنا على المشاركة لأننا سنملأ لجان الاقتراع حتى ولو كان الطريق إليها لا سير فيه إلا زحفا على البطون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة