جاءت صرخة ممدوح الليثى رئيس اتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية مدوية أمس فى اجتماع لجنة الثقافة بمجلس الشعب، قال الليثى إن هناك 35 ألف عضو فى النقابات الثلاث التى تشكل الاتحاد تحت خط الفقر، لا يجدون الحد الأدنى من الأساسيات، الأكل والدواء وإذا توفى الله أحدهم لا يجد حق الكفن!.
واشتكى منير الوسيمى نقيب الموسيقيين وأشرف زكى نقيب الممثلين الشكوى نفسها فالدولة حسب قولهما تدعم النقابات الفنية "بـ 12 ألف جنيه فقط سنوياً، وهذا الدعم الهزيل بالإضافة إلى اشتراكات الأعضاء لا يكفى إعانة ودعم العدد الكبير من الفنانين العاطلين عن العمل أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة أو وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة الأمر الذى يدفعنا إلى السؤال: أهكذا تضيع حكومتنا الرشيدة واحداً من أهم أسباب القوة والسيطرة المصرية ؟ أهكذا تتعامل حكومتنا مع جيوش السفراء الذين مهدوا الأرض أمام الحضور المصرى إقليمياً ودولياً؟
فى وقت من الأوقات كان فريد شوقى و مديحة يسرى و فاتن حمامة و تحية كاريوكا وعبد الحليم حافظ سفراء فوق العادة فى أى بلد عربى أو أفريقى، وعندما طافت أم كلثوم بعد حرب 1967 العالم تغنى من أجل دعم المجهود الحربى استطاعت دعم مواقف الإدارة المصرية ومطالبها المشروعة فى بلد مثل فرنسا المعروفة بميلها إلى إسرائيل ،قبل غيرها من البلدان المعروفة بصداقتها لمصر ومساندتها لحركات التحرر الوطنى ضد أشكال الاستعمار.
ما الموقف الآن عندما يزور فنان مصرى بلداً عربياً أو إفريقياً؟ الإجابة معروفة طبعاً لأن إهدار قيمة الفن المصرى بدأ فى مصر أولاً، ومن ثم هان الفن والفنانون المصريون على العرب حتى أصبحوا يعاملونه فى أحيان كثيرة باعتباره موضة قديمة!
قد يكون لدى الأشقاء بعض الحق ، لأن الحضور الفنى والقوة الناعمة لا يمكن فرضهما، كما لا يمكن الإبداع تحت خط الفقر ، فكيف يبدع فنانون فى محيط يطردهم ويدفعهم من الشبع إلى الجوع ومن الستر إلى الانكشاف ومن الصحة إلى المرض، حتى إذا ماتوا لا يجدون حق الكفن على حد تعبير ممدوح الليثى!
أين ذهبت مسارح الدولة؟ أين ذهب مسرح التليفزيون؟ أين ذهبت فرق التمثيل التى كانت تطوف الكفور والنجوع والقرى فضلاً عن المدن لتثقيف الناس البسطاء وإقامة العروض من أجلهم، ليس ترفاً أو ترفيهاً، ولكن من أجل غرس النزوع الفنى وحالة الإبداع لدى القطاع العريض من الناس ، أيام كان الإبداع مشروعا قوميا وأحد روافد قوة الدولة!
وزارة الثقافة قد تدعم فيلماً حتى تدخل به مسابقة عالمية أملاً فى الفوز بجائزة تحسب لها وتوضع فى خزائنها، لكن مسئوليها لو فكروا فى إنفاق هذا الدعم لتعظيم الإنتاج الفنى فى بيوت وقصور الثقافة وفى إنتاج الأعمال السينمائية والمسرحية والتليفزيونية بالتعاون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون قد يصب ذلك فى عودة الروح للحالة الفنية المصرية ، وستجد الحكومة مردود الميزانيات البسيطة التى ستخصصها لدعم الروح الفنية المصرية فى صورة مد مصرى جديد فى محيطنا الطبيعى عربياً وإقليمياً.