أصبح الآن اللعب على«المكشوف» داخل منافسات كأس العالم الأولى داخل القارة السمراء بعد أن رأى كل منتخب مُشارك فى البطولة ومديره الفنى الفرق المنافسة الأخرى على أرض الواقع ووضع يده على نقاط القوة والضعف فيها، لكن يتبقى شىء واحد سيكون هو الفيصل فى حسم بطاقة التأهل لدور الـ16، وذلك من خلال القراءة الفنية الجيدة ووضع اللمسات النهائية لتحقيق المراد بالتأهل إلى الدور الثانى، إلا أننى أرى أن ذلك سيتوقف على قدرة كل جهاز فنى فى صنع الفرق مع اللاعبين وحثهم على «شرب» واستيعاب خطة التغلب على الآخر، خاصة فى ظل عدم التفاوت بالمستويات وخروج معظم المواجهات بالتعادل.
لا يمكن الحكم على المستويات فى المونديال الحالى الآن خاصة أن الوقت مازال مُبكراً ويجب أن يكون التقييم بعد النهاية أو بعد الوصول إلى دور الثمانية على أقل تقدير، لاسيما أن الفترة الماضية كانت كما أشرت مجرد عمليات «استكشافية» للفرق، حيث إن المنافسات حالياً أصبحت مختلفة كثيراً عن الماضى، فالفرق الصغيرة تسعى إلى تسطير تاريخ خاص بها أمام المنتخبات الكبيرة حتى ولو كان بدون أهداف للمنافسة على اللقب وإنما يقف طموحها على تحقيق مفاجآت فقط، وهو ما يجعل المديرين الفنيين للمنتخبات الكبيرة يبحثون عن التصدى لهذه «المعضلة» بتحقيق الفوز ولو بنتيجة ضعيفة من دون الالتفات إلى الأداء الفنى والجمالى وهو ما يعد أمراً مقبولاً فى البطولات الكبيرة ومع التطورات الحديثة لكرة القدم.
لم يظهر من المنتخبات الكبيرة بالمستوى المعهود عنها سوى منتخبى ألمانيا وهولندا، فهما حتى الآن أصحاب الأداء الجمالى والخططى وتنفيذ الفكرة الجديدة والطريقة المستحدثة لطرق اللعب بالاعتماد على طريقة 4/2/3/1، بوجود قلبى دفاع وظهيرى أجناب، مع اثنين فقط فى منطقة المناورات وثلاثة لاعبين خلف رأس حربة وحيد، وذلك من أجل البحث عن طريقة للتغلب على «التكتل» الدفاعى من خلال ضربه بالقادمين من الخلف، وهذه الطريقة تحتاج بطبيعة الحال إلى نوعيات خاصة من المهارات للاعبين فضلاً عن وجود مهاجم يجيد التفاهم والتعامل مع هذه الطريقة التى لجأ إليها معظم المنتخبات حالياً.
ومن خلال متابعتى للمباريات الماضية فإن يواخيم لوف المدير الفنى للمنتخب الألمانى الوحيد الذى نجح فى صنع الفارق مع لاعبيه بتنفيذ هذه الطريقة، يأتى بعده الطاحونة الهولندية بقيادة بيرت فان مارفيك المدير الفنى وبالاعتماد على النجوم الكبار أمثال روبين فان بيرسى مهاجم أرسنال، وويسلى شنايدر لاعب الإنتر، وأريين روبن لاعب بايرن ميونيخ.
أما باقى المنتخبات الكبيرة فلم يظهر لها لمسة حقيقية حتى الآن، فالمنتخب الفرنسى بقيادة مديره الفنى ريموند دومينيك مازال بعيداً تماماً ويجب على هذا الجيل التأكد من أن المونديال الأسمر هو الفرصة الأخيرة أمامهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هيبة منتخب «الديوك» على الساحة العالمية بعد سلسلة من الإخفاقات طوال الفترة الماضية، أما منتخب «التانجو» الأرجنتينى بقيادة مارادونا فاعتماده فقط على وجود «كوكبة» من النجوم على رأسهم «الساحر» ميسى، ونفس الأمر للمنتخب البرازيلى بقيادة دونجا، أما الأسود الإنجليزية بقيادة المدير الفنى الإيطالى فابيو كابيلو فمازالوا يبحثون عن ذاتهم، والأزورى الإيطالى بقيادة مارتشيللو ليبى «يُكابر» ويعتمد فقط على أنه بطل النسخة الماضية، والماتدور الإسبانى يعد الأفضل بين هؤلاء من حيث الأداء الجمالى على الرغم من تعرضه لهزيمة على يد سويسرا فى واحدة من كبرى مفاجآت البطولة، ولكن العيب الوحيد هو افتقاد اللمسة الأخيرة التى تحتاج لعلاج سريع من ديل بوسكى مديره الفنى.
فاصل أخير
الأبرز أيضاً من خلال المباريات السابقة.. هو مستوى التحكيم الذى ظهر بمستوى جيد جداً، خاصة بالنسبة للحكام المساعدين، فيما كانت الأخطاء الوحيدة من الحكام عن طريق أصحاب الجنسيات الإفريقية، أما حكام أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية فمستواهم أكثر من رائع، وهو ما يؤكد أن حكام القارة السمراء مازال أمامهم الكثير حتى يصلوا للمستوى المأمول.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة