أصبحت على قناعة الان بأن انقلاب البعض على الدكتور محمد البرادعى، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، كان له من الأسباب التى تجعلنى على يقين أن الرجل تائه فى «التجربة المصرية» والتى تعامل معها منذ قدومه إلى القاهرة بطريقة «يانحلة لا تقرصينى ولاعايز عسلك»، فهو لايريد أن يعلن ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة ولايريد أن ينضم إلى أى حزب لانه وطبقا لرؤيته لايؤمن بالتجربة الحزبية ويتعامل معها باعتبار كل حزب مصرى- حتى لو كان شيوعيا أو ناصريا أو لبيراليا مثل الوفد- عميلا للنظام، وهو ماجعل كل الأحزاب المصرية ترفض حتى استقباله لأنها ببساطة حتى لو كانت أحزابا ضعيفة فإن لديها الكوادر التى لاتقل أهمية عن البرادعى أو أى عضو فى جمعية التغيير التابعة له، والدليل تجربة الوفد الديمقراطية التى شهد الجميع داخليا وخارجيا بنزاهتها، ونجح الدكتور السيد البدوى أن يفوز بشكل ديمقراطى، وهو ما يعنى أن هناك حزبا مصريا به من النزاهة ما يرضى الدكتور البرادعى فلماذا لا يفكر فى أن ينضم لهذا الحزب الليبرالى فهو الطريق الوحيد والمتاح أمام صاحب نوبل ليكون تحت الأضواء الرسمية لان البرادعى وجمعيته حتى الان وبصراحة شديدة خارج الشرعية.
والبرادعى ومريدوه يعلمون جيدا أن تجارب اللجان والجمعيات الوطنية بل الحركات السياسية مصيرها دائما الانشقاق أو الانقسام، إما بيد داخلية أو بأيد أمنية، المهم أن هذه اللجان وكما يقولون «نفسها قصير جدا» ولن يكون لديه إلا اللجوء للشرعية، وهو الحل الذى كان من المفترض أن يضعه البرادعى وأنصاره كبديل حقيقى لمواجهة النظام.
ولكن الدكتور البرادعى الذى لايملك بالفعل آليات تحريك الشارع بالصورة التى تجعله يضغط على النظام لكى ينفذ مطالب البرادعى وأنصاره مازال يحرث فى البحر، فلا هو قادر على قيادة الملايين فى مظاهرة كبرى تصيب النظام بالرعب، ولا هو قدم حلولا عملية للانخرط فى منظومة الشرعية المستمدة من ثورة يوليو رغم انحرافها بدرجة كبيرة عن أهداف تلك الثوره التى مر عليها أكثر من 50 عاما.
والمفاجأة أن الدكتور البرادعى نفسه لا يعرف نهاية لتصريحاته حول التغيير لانه ببساطة وبصريح العبارة لايفهم طبيعة المصريين المعقدة، وحتى لايتهمنى أنصار الرجل بأننى أتحامل عليه فإننى أؤكد أن النظام الحاكم نفسه لايفهم طبيعة المصريين ولكنه يتسلح بشرعية التواجد وسياسة الامر الواقع، فهو على يقين أنه لاثورة بعد الثورة، ولن يستطيع أحد أن يخترق نظامه لانه يستند على شرعية التواجد، ولذا فإننى أنصح الدكتور البرادعى بحلين لا ثالث لهما، إما ان يقود ثورة شعبية حقيقية ويتحمل هو وأنصاره تبعيتها أو أن يدخل فى شرعية النظام من خلال الأحزاب القائمة، لربما يأتى التغيير من داخل البيت نفسه ولربما ينجح فى الوصول إلى كرسى الحكم فى مصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة