محمد حماد

متى تتعلم المعارضة المشى خارج الأحذية؟

الأربعاء، 23 يونيو 2010 07:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرأت باهتمام بالغ مقالة الدكتور حسن نافعة فى "المصرى اليوم" تحت عنوان انطلاقة جديدة وفرصة أخيرة، ورغم ما شعرت به من وضوح فى الرؤية ربما للمرة الأولى منذ انطلقت الجمعية الوطنية للتغيير حتى اليوم، إلا أننى وجدت نفسى وربما بسبب هذا الوضوح، مندفعا نحو التعليق على المقال أو الرؤية الجديدة، وأسجل فى البداية موافقتى على فكرة الانطلاقة الجديدة وأتحفظ على أنها الفرصة الأخيرة، ولست أحسب أنه مجرد تحفظ شكلى، فقد تعددت مقولاتنا من قبل حول الفرصة الأخيرة حتى يئس الناس من كثرة الفرص التى نصفها بالأخيرة ففقد التعبير مضمونه، ومصداقيته، وفى المضمون أقول إن الفرصة سوف تبقى قائمة أمام هذا الشعب لكى يتخلص من نظام جثم على صدره ثلاثة عقود انتهكت خلالها آدميته وأهدرت كرامته وبيعت ممتلكاته، وأهدرت ثرواته وانتهبت أمواله وحكم بالطوارئ وحوكم بها، واستشرى فيها الفساد وعم وطفح كيل الناس منه، ولم يبق أمام الشعب غير فرضية واحدة هى فرضية تغيير هذا الواقع وتغيير المسئولين عنه، ولا سبيل لذلك غير النضال السلمى المتصاعد، فهو وحده الطريق المضمون والمأمون للعبور إلى واقع جديد يحقق العدالة والكرامة والحرية لشعب طال شوقه إليها جميعا.

وبلغة المحامين أجدنى أنضم إلى كل ما جاء فى مقال الدكتور نافعة أؤيده فى النقاط الأربع التى وردت فيه، وأضيف عليها بعض النقاط التى أراها تستدعى التفكير وتحرض على إعادة النظر فى الكثير من تكتيكات الساعين إلى التغيير.

الحركة المصرية للتغيير أمام ما تواجهه من تصلب النظام الحاكم ومعاندته لأى إمكانية للتغيير، مطالبة أكثر من أى وقت مضى باجتراح أساليب جديدة، للعمل، تكون قادرة على الوصول إلى الناس، وعلى استدراجهم للمشاركة فى عملية التغيير، لابد أن نمعن التفكير فى وسائل الوصول إلى الناس بطريقة جديدة ومؤثرة وجامعة، ولا نضيع الوقت فيما لا طائل فيه من الطرق والوسائل والوسائط المجربة أكثر من مرة بدون أى نجاح يذكر، وأضرب مثالا لما كان يفعله حزب المحافظين فى الانتخابات البرلمانية الإنجليزية الأخيرة، وأتذكر هذه البانوهات التى وضعوا فيها صورة جوردون براون رئيس الوزراء السابق وتحتها تعليقات مثل:
أنا ضاعفت الدين الداخلى على الخزانة، دعونى أفعلها ثانية.
أنا ضاعفت عدد العاطلين فى البلاد، دعونى أفعلها ثانية.
أنا أطلقت سراح 80.000 مجرم مبكراً، دعونى أفعلها مرة ثانية.

والسؤال هو: كيف نمصر مثل هذه الأساليب، ونأخذ جوهرها، الذى يتمثل فى استخدام لغة الأرقام الميسرة القابلة لفهم لتوصيل مفهوم محدد يجعل المواطن أكثر قدرة على المشاركة والتفاعل مع قضايا تمس حياته وتؤثر فيها ربما بدون أن يعى الكيفية التى يحدث بها مثل هذا التأثير، وللحق فإن كثيرا من الأساليب التى استخدمها القائمون على حملة كلنا خالد سعيد تنبئ عن أننا أصبحنا على موعد مع طرق جديدة فى التعبئة والحشد والمشاركة الفاعلة على أساس واضح ومتفق عليه.

والحق أننى حين أستمع إلى كلام الدكتور البرادعى أجده محددا وواضحا فى هذه النقطة تحديدا، فهو يردد بشكل دائم وفى كل مناسبة أرقاما عن الدول التى سبقتنا إلى الديمقراطية وعن الأعداد التى تعانى من فقر مدقع فى مصر، وعن التراجع فى مستويات التعليم والصحة والمرافق وكل شىء فى مصر بسبب السياسات القائمة فيها منذ ربع قرن ويزيد.

القضية الأهم الآن هى كيف نوقف هدر الطاقات الوطنية فى غير ما يجب أن تنصرف إليه، فلا المظاهرات محدودة التأثير وحدها تنفع فيما نحن بإزائه، ولا المبادرات الفردية الحماسية تصلح لمواجهة تخطيط حثيث ومدروس من الجهة الأخرى لتمرير مشروع التوريث بأقل كلفة ممكنة، ولا البيانات الشاجبة وحدها تصنع فعلا تاريخيا.

لا وقت للخلاف، ولا يجب أن يكون هناك الآن فروق للتوقيت بين ما هو وطنى جامع وما هو حزبى أنانى، ليست ساعة للتمايز، ولا للتشرذم، إنها ساعة للوحدة ولتوحيد الجهود والعمل على إنجاز هدف وراء هدف، وأول الأهداف الآن هو المجمع عليه وطنياً، ألا نفوت الفرصة بدون فرض الأجندة الوطنية للإصلاح الشامل.

وأقترح أن تبادر القوى الوطنية إلى عقد مؤتمر وطنى جامع يضم قيادات وكوادر من الأحزاب القائمة والتى تحت التأسيس والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى وجماعات العمل السياسى والنقابات المهنية والعمالية على أساس برنامج من نقطة واحدة إصلاح الدستور فيما نتفق عليه فى هذا الإصلاح، وتكون مهمة هذا المؤتمر انتخاب جمعية تأسيسية قابلة للتوسيع لإقرار التعديلات الدستورية والقانونية المطلوبة والملحة والتى لا تقبل التأجيل، لا تنتظروا توكيلات لن تأتى، ولا تنتظروا إجماعاً لن يتم، تقدموا إلى المستقبل ولو لخطوة واحدة، اجتمعوا ولو لمرة واحدة، فالمعارضة ليست معاندة، المعارضة بمعناها الحقيقى هى القوى التى تملك خطة إلى المستقبل، خطة واضحة وجادة وقابلة للتنفيذ، والمعاندة هى صورة رديئة لقوى لا تتقن غير موهبة المشى فى الحذاء من الوضع وقوفاً، فلا أرضا قطعت، ولا ظهرا أبقت.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة