قبل أن ينهى مجلس الشعب" دورته" الأخيرة، نجح الموقر فى تقديم واحد من أرقى العروض المسرحية والتشريعية، وأثبت بما لا يدع مجالا لأى شك، أن سمعة النائب أهم من حق المريض، وأن الفساد أيا كان لايبرر أن يتم فضح السادة النواب، حتى لو تورطوا فى فساد هنا، أو اتجار هناك.
ورأينا كيف تحولت جلسة لجنة الصحة الموقرة، فى المجلس الموقر، إلى مسرحية ، تبادل فيها النواب الردح على نفقة الدولة، دون أن يناقشوا مصير ملايين المرضى الذين راحوا ضحايا الفساد الواضح فى القرارات، وتورط بعض السادة الموقرين فى الاتجار بالقرارات وبيع الكراسى المتحركة فى الخارج.
جلسة اللجنة لم تنقصها الصراحة والمؤثرات الصوتية، وتطايرت أكواب الشاى والتمر هندى على ملابس الوزراء الموقرين، ولم تنته جلسة اللجنة إلى شىء، فلم يتم إعلان أسماء النواب المتورطين، ولا مصير الملايين التى ذهبت إلى الجيوب بدلا من المرضى، ولم يجد وزير الصحة أى مشكلة وهو يعلن أنه مع زيادة موازنة العلاج على نفقة الدولة من أجل مساندة النواب فى الانتخابات، وليس من أجل صحة المرضى.
بدأت المسرحية عندما اتهم نائب بالحزب الوطنى زميله بأنه يتاجر فى قرارات العلاج .. النائب الدكتور شيرين اتهم النائب اللواء سيد عزب بالاتجار فى قرارات العلاج على نفقة الدول، وقال له بكل وضوح "الجميع يعلم أنك تاجرت فى صفقة كراسى متحركة حصلت عليها بموجب قرارات العلاج. وبعتها فى ليبيا". وهو اتهام لو تردد فى أى برلمان فى العالم لكن مناسبة لعقد محاكمة أو تشكيل لجنة أو إحالة إلى النيابة، لكن بكل سرور لم يحدث شىء، واكتفى النائب المتهم بأن قال "إيه الفوضى وقلة الأدب دى"، وكأن زميله يتهمه باللعب فى الشارع.
وإمعانا فى التراشق المسرحى، والتزاما بتعليمات المخرج، فقد انقلبت أكواب الشاى والتمر هندى على ملابس الدكتور شهاب والدكتور الجبلى وانسحب رئيس المجلس، من المسرح بينما تمسك وزير الصحة بعدم إعلان أسماء النواب المتورطين فى قرارات العلاج، وصرخ من منبره قائلا: هذا من حق رئيس مجلس الشعب، لكن رئيس مجلس الشعب انسحب من المسرح، وترك الجمهور فى حيرة من أمره ربما انتظارا للفصل الثانى حيث يتم إعلان أسماء المتورطين.
لكن الجمهور اكتشف أن المسرحية انتهت، والدورة أغلقت فى سعته وتاريخه وعلى المواطن أن يخبط رأسه فى الحيط، أو فى سور مجلس الشعب. الاتهام لم يلفت نظر أحد من السادة الموقرين لا رئيس مجلس الشعب الدكتور سرور، ووزير المجالس الدكتور شهاب، الذين طرطشت عليهم مناقشات النواب بالشاى والتمر هندى. واكتفوا بالتحجيز بين النواب المتعاركين، دون التطرق لمن تورطوا ومن سرقوا أو نهبوا قرارات العلاج، لأن سمعة النائب حتى لو كان متورطا أهم من حق المواطن حتى لو كان مريضا، وكل فصل تشريعى والمجلس موقر وسيد قراره.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة