د.أحمد فؤاد أنور

وقفة مع الشقيق الحمساوى

السبت، 26 يونيو 2010 08:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مهدت دماء نشطاء السلام التى سالت فى عرض البحر الطريق أمام جهود دعم الأوضاع الإنسانية فى قطاع غزة المحاصر، وأصبح الحديث عن ضرورة وضع معايير ثابتة لمد الفلسطينيين بالمعونات الأساسية حديث متكرر لدى الرأى العام العربى والدولى، بل والإسرائيلى أيضا ويمكن أن نشهد نتائج ملموسة له خلال وقت قريب، على خلفية هذه الحلحلة أتت الزيارة التاريخية لعمرو موسى لقطاع غزة.. وهنا يتوجب على الجميع أن يراقب الزيارة من منظور جنسية الأمين العام وتاريخه، وفى ضوء التعقيدات التى تكتنف فضاء السياسة العربية والدولية، وكذلك المخططات الإسرائيلية التى تحاك ضد القضية الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، وعلى هذا كله تكون الصدمة كبيرة عندما نتابع أن هناك من استقبل عمرو موسى بلافته تتحدث عن لوم لـ"تأخر الأمين العام فى الزيارة"(!) لقد سمحت قيادات حماس بالقطع بكتابة اللافتة، وسمحت بوضعها فى مكان بارز تستطيع وسائل الإعلام بسهولة رصدها ونقلها لجميع أرجاء العالم. التصرف غير المسؤول ذكرنا بجراح لم تندمل على غرار التجاوزات الدامية على الحدود، والاستقبال الهمجى المهين لوزير خارجيتنا السابق أحمد ماهر عند دخوله ساحة الحرم القدسى.

كمراقب وباحث لست مع أو ضد حركة حماس - وإن كنت رفضت أن يتم الحكم على تجربة بالفشل قبل أن تبدأ- الآن تكاد حماس تخسر من هم على شاكلتى، فنحن فى هذه اللحظة فى مفترق طرق ونتوق لمصالحة فلسطينية فلسطينية، لا لمزيد من الجراح والسخافات.

المثير للألم أن تعامل البعض فى حماس بشكل غير لائق بمسئول رفيع المستوى جاء للمساندة وللدعم، على الرغم من التعقيدات التى تسيطر على المشهد العربى والسياسة الدولية واكبه التفاف ومساندة من الرأى العام فى إسرائيل – وفقا لأحدث الاستطلاعات- لنتنياهو، على الرغم من تسببه فى أزمات متتالية لإسرائيل فى كثير من أرجاء العالم فى وقت قصير.

والحل فى جميع الأحوال لوضع حد للخسائر المستمرة وعدم إضاعة الفرص السانحة هو طريق المصالحة التى تبدأ بالتنسيق التام مع ممثلين عن السلطة الفلسطينية عند المعابر، والوقوف صف واحد أمام مخططات إسرائيل تجاه غزة التى عبر عنها مسؤولون فى إسرائيل، وكذلك محلل فى جريدة يديعوت احرونوت عن مخططات تل أبيب لتحويل القطاع إلى كانتون معزول أو ضمه لمصر فزعم منذ أيام أن: أصول سكان غزة مصرية، ومن مصلحة إسرائيل ضم القطاع لمصر حتى يتم فى وقت لاحق توطين اللاجئين الفلسطينيين بها وفى الأردن أيضا.

زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية كانت تهدف فى الأساس لإنهاء الحصار على القطاع المحاصر من قبل إسرائيل منذ سنوات، وإحراج تل أبيب بسبب استمرار حصارها للقطاع، وهى خطوة جيدة يجب استثمارها ضد مخططات تصفية القضية الفلسطينية التى لا تبدأ بالحصار، بل بسيناريوهات تكريس الانشقاق والاقتتال الداخلى أو ضم غزة والضفة لمصر والأردن تهربا من استحقاقات دولية. والأولوية بالطبع لغزة حتى تتخلص إسرائيل من الكثافة السكانية المرتفعة ومعدلات الفقر والتسليح والعنف المرتفعة.

مطلوب من القيادات فى حماس وفتح على حد السواء التجهيز لمرحلة الانتخابات ببرنامج ديناميكى غير متحجر، والاستقرار فى فتح على مرشح يدعمه فى جميع الأحوال كثيرا الضغط لإطلاق سراح مروان البرغوثى أمين سر الحركة فى الضفة الغربية.

التجهيز للانتخابات الفلسطينية فرصة للمصالحة الحقيقية وجسر الخلافات مع الأشقاء يجب أن يكون على سلم الأوليات بالنسبة لحماس وفتح فى هذا التوقيت من خلال نقاط محددة منها: تأكيد سيطرة القيادة السياسية على القرار وعدم السماح للانفلات بأن يكون له الكلمة العليا، والالتزام بديمقراطية الحوار، وعدم التأثر بالضغوط الداخلية والخارجية، بالإضافة لمحدودية الأهداف ومعقوليتها، فلا يمكن رفع سقف المطالب أمام الشقيق الفلسطينى بشروط تعجيزية لا تراعى المصلحة العليا ورؤى المعسكر الآخر وقدراته، فعدم إحراج الخصم من أساسيات أى عمل يرمى لمصالحة حقيقية.

كل هذا مع استمرار الضغط لتنفيذ الاتفاقات المبرمة مع إسرائيل فيما يتعلق بالممر الأمن بين غزة والضفة، وافتتاح الميناء البحرى والمطار الدولى، والحرمان من الحق الطبيعى فى التنقل يساعد كثيرا على تقليل فرص الحوار والتنسيق مما يفاقم من أبعاد الأزمة. الضغط لتسلم الفلسطينيين مستحقاتهم المحتجزة لدى إسرائيل(ضرائب وجمارك)، حيث إن الضغوط الاقتصادية تعمل على زيادة معدلات العنف واللجوء للجريمة والانفلات الأمنى داخل الأراضى الفلسطينية، فهكذا تصوب النيران فى اتجاهها الصحيح.

* مدرس العبرى الحديث بجامعة الإسكندرية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة