من السهل بل الأسهل حين يقرر كاتب أى مقال أو موضوع صحفى أن يضع نتيجة تحليله لأى ظاهرة مجتمعية أو فنية فى صدر مقاله، ولكنى أظن أن فى ذلك نوعا من الحجر على عقلية القارئ الذى يتصدى لقراءة هذا أو ذلك.. ولذا فإننى سأتعرض لحكايتين حدثتا فى خلال الأيام الماضية لنجمين من نجوم الوسط الفنى تمثل حكاياتهما بالنسبة لى آفة ليس فى مجتمع الفن على صغره فحسب ولكن فى المجتمع المصرى على اتساعه بمختلف طوائفه.
أما الحكاية الأولى فتخص الممثل خالد النبوى الذى عاد من مهرجان كان بعد أن شارك فى افتتاح عرض فيلم «اللعبة العادلة» الفيلم الأمريكى الذى شارك فيه بأداء شخصية عالم ذرة عراقى، وهذا الفيلم كما قرأت عنه يعد من الأفلام الأمريكية المستقلة لأنه ليس تابعًا لشركة إنتاج كبرى مثل سونى أو وارنر أو دريم وركس أو غيرها من الشركات الكبرى، وهو من الأفلام الأمريكية التى تسير فى اتجاه فضح أسباب الغزو الأمريكى للعراق وكذب الإدارة الأمريكية فى هذا الوقت، إذن الفيلم ومشاركة خالد فيه شىء أظنه لا غبار عليه، بل قد يعد عند البعض أمرا يستحق الثناء عليه سواء بالنسبة إلى صناعة الأمريكان وكل من شارك فيه وبالتأكيد خالد النبوى كمصرى وعربى، ومهما صغر دوره أو كبر، فكان من الممكن بل من الأذكى أن يأتى بأخبار وتصريحات وحكايات عن قيمة ما قدمه ليس على المستوى الفنى بل على المستوى الوطنى والقومى، ويعزف على وتر هيييه أنا بكره إسرائيل هيييه هيييه... على طريقة شعبان عبدالرحيم الذى تحول إلى لسان حال الوطنية والمجتمع المصرى الذى أصبح بعافية، ولكن خالد النبوى لم يفعل فلا هو غنى هيييه ولا قال أنا بكره إسرائيل.. ولكنه وقف على السجادة الحمراء فى مهرجان كان إلى جوار ممثلتين إحداهما معروفة والأخرى مغمورة بالنسبة للوسط الصحفى والفنى، وحين صرخ أحد ما، أى أحد، قائلاً: «يا جدعان النبوى واقف إلى جوار إسرائيلية» تحولنا جميعا، أو على الأقل كثير منا، إلى شعبان عبدالرحيم قائلين فى صوت رجل واحد هيييه أنا بكره إسرئيل وطبعا معها خالد النبوى، وتفرع الأمر إما للهجوم أو للدفاع عن الشخص وليس الحكاية والمبدأ.
فلا أحد توقف ليناقش معنى التطبيع أو يرصد التغييرات التى حدثت منذ السبعينيات حين خرجت هذه الكلمة وصارت دينا ومنهجا للكفاح بعد أن اختفت كلمة خلى السلاح صاحى. الكل مهموم إما بالدفاع أو الهجوم.
وأما القصة الثانية المقابلة لحكاية النبوى فهى حكاية تامر حسنى الذى تنتشر أخباره انتشار النار فى الهشيم فى كل لمحة عين، فاليوم تامر حسنى صرح ثم غدا تامر حسنى نفى.. اليوم تامر حسنى حصل على جائزة عالمية ثم غدا تامر حسنى رفض الجائزة العالمية لأن هناك إسرائيليين يتم تكريمهما فى نفس الوقت.. ثم أخيرا تامر حسنى يتم تكريمه من قبل إدارة مهرجان القدس السينمائى لأعماله وأفلامه ويمنح لقب نجم القرن بصورة كبيرة فى الخلفية له وهو يرتدى الكوفية الفلسطينية الشهيرة!!!
يا سلام ويصير تامر حسنى رمز الوطنية والقومية، وتتحرك إدارة المهرجان من القدس التى تدكها جرافات إسرائيل لتكرم الفنان فى مصر لأنه يرفض السفر إلى القدس إلا بعد تحريرها.
ولا أحد يتوقف أمام هذه الحكاية وهذ السيل من الأخبار بل يجد عشاق تامر سلاح الوطنية والقومية فى أيديهم يلوحون به ولا يجد منتقدو تامر إلا أن يعودوا أدراجهم ليتحدثوا عن صدق أو كذب جائزة ما.
ولكن ما من أحد توقف أمام توصيف لهذا الأسلوب ونجاحه، أسلوب شعبان عبدالرحيم وهيييه الذى اتبعه تامر حسنى.
وخلاصة الأمر لست من المدافعين عن النبوى أو المؤيدين له ولست من كارهى تامر حسنى، ولكن فقط أرصد من خلالهما ومن خلال حدثين فى أسبوع واحد ظاهرة مجتمعية فى مصر، صرنا جميعا نركز عليها ونتأثر بها دون أن نتوقف لنسأل أنفسنا هل «هيييه» فعلا كلمة تكفى لشحن الرأى العام بقناعات حتى لو كانت زائفة؟؟ كنت أتمنى لو أن الإجابة بالنفى، ولكن عفوا الإجابة نعم، فليحيا شعبان عبدالرحيم.. وهيييه أنا بكره إسرائيل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة