مدحت قلادة

اكتشاف مصر من قرى

الخميس، 03 يونيو 2010 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رحلة خاصة، ذهبت إلى مصر للاطمئنان على حال أمى الحبيبة منتصف شهر مايو الجارى، ونظراً لضيق الوقت، اقتصرت لقاءاتى بالآخرين فى أضيق الحدود، ولكننى تطلعت بشغف لكل ما يدور حولى من شوارع، مواصلات وأحاديث بين الناس وبعضها..
وأسجل فى هذا المقال جزءاً يسيراً مما رأيته على أرض الواقع فى مصر، ليس من خلال الشبكات العنكبوتية أو من خلال الأحاديث التليفونية، بل ما رأيته وسمعته عن قرب.

علاء عُريبى، كاتب وصحفى مميز، مصرى مائة بالمائة مهموم ومشغول بالشأن المصرى، تعرفت عليه من خلال كتاباته عن الدكتور عصام عبد الله إسكندر، المحروم من حقه الطبيعى فى الترقيات شأنه شأن كل قبطى متفوق.
علاء مسلم، عصام مسيحى.. تقابلا فى نقطة واحدة وهى العدل للجميع ومصر للمصريين، أحسست أنى أعرفه منذ زمن تطرقنا لكتاباتنا المختلفة وتوجهاتنا ولكننا اتفقنا على شىء واحد وهو العمل لهدف أسمى هو مصر.

جابر القرموطى المذيع اللامع مقدم برنامج "مانشيت" فى قناة "O T V" هذا المصرى الأصيل الذى استطاع بأسلوبه السلس فرض حضوره على غالبية مشاهدى الشاشة المصرية الصغيرة، كان لى شرف التسجيل معه فى برنامجه، أراد تقديمى كمهموم بالشأن القبطى شرحت له أن هدف أقباط مصر جميعاً هو الشأن المصرى، وعمل كل قبطى فى المهجر من أجل إزالة التعصب المقيت من ثوب مصر كنا مختلفين لا يعرف أحدنا الآخر بالقدر الكافى، وبعد مداولات قبل البرنامج أدرك أن كتاباتى تهتم بصلب المشكلة بدلاً من اللف والدوران فى كلمات بعيدة عن أرض الواقع، وأخيراً تقابلنا فكريا وتعاهدنا على اللقاء مرات متتالية.

الدكتور جهاد عودة التقينا بعيداً عن السياسة، فهو يتمتع بروح مصرية مائة بالمائة وخفة دم عالية خاصة أثناء مناقشة موضوع هام فهو يأخذك بعيداً فى فرعيات لا تمت لصلب الموضوع، ليتوارى الهدف الرئيسى من النقاش فى الفرعيات، وهو مسوّق جيد للنظام المصرى، فى لحظة تجلى تحدث عن خطاب الرئيس مبارك الأخير مهللاً بخطاب الرئيس ودعوته للعمل على إعادة إحياء الدولة المدنية!! وأكد أنه يجب العمل لإنقاذ مصر بأسرع طريقة للتخلص من الدولة الدينية، لأرتطم بالواقع المرير بعد بيان إدانة من المستشار نجيب جبرائيل بعد القبض على بعض الشباب المسيحيين بتهمة التبشير.

زبالو المقطم وعزبة النخل ذهبت هناك لرؤية دير القديس سمعان الخراز ومقابلة الأب متياس نصر المدافع العنيد عن أصل مصر ووجوب عودتها لجذورها، متخذاً اسم مجلته الكتيبة الطيبية اسم مصرى مائة بالمائة، ولمست بالعين المجردة شكوى مربيى الخنازير سابقاً كيف يعانون بعد أن قضت جماعات الإسلام السياسى على مورد رزقهم الوحيد بمباركة رئيس الجمهورية بإعدام ثروتهم الحيوانية مع سخرية العالم الحر من مصر لقتل الخنازير لأسباب دينية بحتة معلنة الصحف بعدها بيوم أن مصر خالية من الخنازير!! مهملين أن هناك بشر نُسىء للخنازير إن وصفناهم بوصف (أنهم خنازير). رأيت بعينى الإهمال والبؤس والحرمان فى عيون الأطفال وانعدام الرحمة من قلوب المسئولين بمصر ونقاباتها المؤدلجة أصحاب شعارات معاً من أجل أطفال دول الجوار مهملين أطفال مصر الفقراء المعدمين المحرومين من أبسط القواعد الإنسانية.

السير إيمانويل مثل سيدها تخدم بحب وإيمان الفقراء والمهمشين.. الراهبة الفرنسية التى أنشأت مدرسة لأبناء الزبالين تخدمهم بحب وعاطفة بلا كلل ولا ملل إلى النفس الأخير بمصروفات رمزية إلى أن رحلت عن العالم الفانى، بعدما ملكت قلوب الجميع آباء وأبناء بالعمل الخير والحب الصادق للجميع.

صحيفة اليوم السابع هناك قابلت رئيس التحرير خالد صلاح ونائب رئيس التحرير الأستاذ سعيد شعيب وبعض الأخوة وأدركت المثل "الأفعال أبلغ من الأقوال" رأيت بعينى رئيس التحرير يأتى لينقل ويرتب المكاتب مع الآخرين ويراجع كل شىء ورأيت مملكة نحل الكل يعمل بلا كلل أو ملل.

شارل فؤاد المصرى مدير تحرير جريدة المصرى اليوم صديق عزيز وأخ غالى استضافنى فى مطعم بالمقطم على الغذاء، وشرح وأسهب فى كيفية أن البلد فى تغير إيجابى، وهو يرى أن الأيام القادمة ستشهد تغيراً كبيراً فى مصر مدللاً على رأيه بإغلاق العديد من قنوات التطرف والنظر فى مناهج التربية الدينية!! بالطبع تمنيت أن يكون تفاؤله هو الأصدق والأيام حبلى بالمجهول وسنرى.. فالصديق شارل فؤاد شخصية جادة صادقة لها رؤية موضوعية وله كتابات عديدة مع شخصيات لها وزنها فى العمل الصحفى كم أتمنى أن تصدق رؤيته، وإن كنت أشك فى تحقيقها على أرض الواقع.

فى التاكسى أدركت أن المصريين جميعهم يعيشون فى تعب وضنك اقتصادى، الكل يشكو ويسب ويلعن فى النظام والحكومة وحالة البؤس فى البلد، وغابت عن الشعب المصرى النكتة الاجتماعية، وتحولت لنكتة سياسية سمعت منها الكثير، وأدركت أن مصر انعدمت بها الطبقة المتوسطة، وأصبح المصريون طبقتين فقط فالغنى جداً جداً، والفقير جداً جداً وغابت الطبقة الوسطى المسئولة على التقدم والتطور والازدهار مما يبشر بمستقبل غير آمن لمصر والمصريين، وتساءلت لماذا لا يثور المصريون ضد الظلم وانعدام الديمقراطية والضنك الاقتصادى؟!!
لماذا يثورون لأتفه الأسباب ضد بناء كنيسة هنا أو هناك؟ّ! لماذا يثورون ضد الأقباط الغلابة؟! لماذا الهوس الدينى المستبيح حياة وشرف وعقائد الآخر؟!!لماذا فقد المصريون الكثير من النخوة والشهامة تجاه المختلف معهم؟!!
جميعها أسئلة لها إجابة واحدة، هى الهوس الدينى والتدين الشكلى الذى من أبرز سماته التحدث عن السلام والمحبة والفضائل وهم بعيدون عنها!!
هناك العديد من علامات الاستفهام والتعجب أهمها الصراع المحتد بين الإسلاميين والنظام على كرسى العرش وصراع الأفيال والضحية مصر.
ترى متى نرى التغيير على أرض الواقع؟!!
متى نرى الدولة المدنية الموعودة؟!!
متى يتخلص الشعب من الهوس الدينى والتدين الشكلى؟!!
متى ينتهى الفرز على أساس الدين؟!!
متى تصبح ومصر واحة الأمن والأمان وينتهى الفكر البدوى المتخلف ليعود لمصر فكرها الأصيل البناء ونتخلص من ثقافة بدوية تستحل وتسحق الآخر لاختلافه فى الدين؟!!
متى نتخلص من ثقافة القتل والسرقة والحرق لتاريخ مصر العظيم؟!!
متى نعود مصريين؟!!
بالطبع هناك عدد من الأصوات الإعلامية تسعى لذلك، ولكنها ما زالت أصواتا ضعيفة لم تسمع بعد..
بعض الأخبار الحديثة من أرض مصر.
* اتهم المشاركون فى المؤتمر الثالث لمناهضة التمييز الدينى «الإعلام الرسمى» بزرع الفتنة الطائفية والتشجيع على التمييز الدينى.
* متطرفون دينياً يستولون على أرض مخصصه لبناء مبنى خدمات بمنطقه ميت نما تحت حراسة الأمن.

• تصريح لقداسة البابا شنودة الثالث بشأن قرار المحكمة بإلزام الكنيسة بإقرار الزواج الثانى" نحن لا يلزمنا سوى أحكام الإنجيل فى تعليقه على هذا الحكم، الذى اعتبره قداسته حكم غريب، حيث إنه تدخل فى شأن كنسى خاص، وليس للمحكمة أن تتدخل فيه".
• وأكد قداسة البابا بأن الحكم هو حكم مدنى، أما الزواج فى المسيحية، هو زواج دينى وعمل دينى وما دام عمل دينى فهو يحكمه قوانين الدين وليس المحكمة.
• وقال قداسته أيضا بأن موضوع الزواج والطلاق جاء فى أربعة مواضع فى الكتاب المقدس وهى مت 31:5 ومت 19 ومر11:10 ولو 18:16".
أليست هذه الأخبار تؤيد صدق رؤيتى؟!
"لا يمكن لمجتمع أن يتواصل، طالما كان منقسما إلى فصائل متحاربة" من أقوال برتولت بريشت الشاعر والمخرج الألمانى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة