لم يكن هناك فاصل زمنى كبير بين إعلان خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس عن ضرورة مصالحة حركته مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وبين إعلان الرئيس الفلسطينى محمود عباس لنفس الهدف.
حماس الطرفين لإجراء المصالحة، جاء بعد المجزرة الإسرائيلية على نشطاء سفينة الحرية، والتى كانت فى طريقها لكسر الحصار على غزة ، وأدت المجزرة إلى استشهاد 19 وجرح 26 ، ومع الغضب الدولى من إسرائيل جراء جريمتها، جاء رد فعل مشعل وعباس.
رد فعل الطرفين قديم متجدد، بمعنى أن كلا منهما يرفع شعار المصالحة والتغنى بأهميتها وحتميتها بعد كل مصيبة تلم بالشعب الفلسطينى، ويبلغ الحماس مبلغه بالطرفين إلى درجة تشعر معها أن المصالحة آتية لا محالة، وبأسرع وقت ممكن ومع مرور الوقت يعود الموقف كما كان، أى لا مصالحة ولا يحزنون.
المؤكد أن المشهد الفلسطينى هو انعكاس للمشهد العربى، والمؤكد أن طرفى الخصام الفلسطينى لكل منهما تواصله الإقليمى وارتباطاته بالدول المتنفذة فى الصراع مع إسرائيل، لكن كيف يمكن إحداث ثغرة فى هذا الجدار العازل بين الطرفين؟ وكيف يمكن أن يستثمر الطرفان حالة الغضب العالمى مما حدث فى أسطول الحرية؟
فى سجل الآراء التى قيلت عقب المجزرة، ضرورة أن تتكاتف الجهود من أجل توثيق الجريمة، والطرق بها على أبواب المؤسسات الدولية القانونية والسياسية، وهذا جانب يمكن أن يكون نقطة تلاقى بين الطرفين الفلسطينيين حتى لو بقيا على خصامهما، وإذا كانت هناك أطراف عربية غير مستعدة لمساعدة الفلسطينيين فى هذا المسار ، فهناك الطرف التركى المتضرر الأول من الوحشية الإسرائيلية، وتحظى تركيا بعلاقات جيدة مع حماس والسلطة، وبالتالى يمكن أن تكون طرفا يلتقى عنده أطراف الخصام الفلسطينى فى مهمة محددة هى ، ملاحقة إسرائيل سياسيا وقانونيا فيما فعلته.
هذا الاختيار يمكن أن يمثل نقطة واحدة على جدول أعمال حماس والسلطة لفترة زمنية محددة، وفى حال النجاح فيه قد يؤدى إلى خلق أجواء مناسبة للمصالحة، وإذا كانت هناك خيارات بين أن يتم التمسك بهذا الهدف، وبين الاستغراق فى تفاصيل المصالحة التى قد لا تسفر عن نتائج، فالأفضل يكون فى التمسك بالاتفاق على ملاحقة إسرائيل .
من الطبيعى أن يرى البعض أن هذا الاقتراح هو غير واقعى لسبب بسيط يتمثل فى الصراع بين حماس والسلطة حول من له الشرعية فى تمثيل الشعب الفلسطينى، لكن ما نذكره يبقى مجرد اقتراح قد يجد طريقه.