بالأمس قامت رئاسة الجمهورية باستدعاء الدكتور أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار.. لن أبدأ بتخمين أجواء هذا الاستدعاء العاجل والمفاجئ، ولن أسأل إذا ما كان سيادة الوزير المثير للجدل قد جلس مع الرئيس أم أنه اكتفى بتلقى شوية المعلومات والأوامر التى تم استدعاؤه من أجلها..
لن أفعل ذلك ولن أتطرق إلى أسباب الاستدعاء المفاجئ قبل أن أتحدث قليلا عن دلالة الحدث الذى أثبت دون شك أننا نعيش فى بلد تقوده العشوائية ولا يملك واحد من كبار مسؤليه أجندة صغيرة تنظم له حياته أو أمور دولته، ما حدث بالأمس يؤكد أن الفوضى هى سيدة الموقف، وأن خطوط الاتصال فى هذا البلد مقطوعة وإن وجدت فهى بدائية..
المصادر القريبة من الأحداث قالت إن الاستدعاء المفاجئ لوزير التعليم كان من أجل حضور مراسم توديع الرئيس اليمنى على عبد الله صالح الذى كان زكى بدر ضمن الوفد الذى استقبله وقت حضوره للقاهرة، وإن صح هذا السبب فلابد أن تدرك أننا بالفعل فى دولة تحكمها العشوائية لأن تفسير الأمر هنا لا يخرج عن أمر واحد فقط هو أن السادة فى رئاسة الجمهورية لا يمتلكون أجندة مواعيد محترمة ولا يجيدون التعامل مع النظام ولا يظهرون الاحترام الكافى للمواعيد، ففى تلك الحالة يقول المعروف بالضرورة أن يكون لدى وزير التعليم علم مسبق بمثل هذه الأمور البروتوكولية أو على الأقل أن يتم إبلاغه قبل الحدث بوقت كافٍ حتى لا يتسبب هذا الاستدعاء المفاجئ فى إرباك الوزارة وعمل الوزير خاصة ونحن فى فترة حساسة يعانى فيها زكى بدر من مشاكل الثانوية العامة ومشاكل طريقة إدارته للمنظومة التعليمية ومشاكل مع الصحفيين، وأى استدعاء مفاجئ كالذى حدث بالأمس قد يفسر بألف طريقة وطريقة ويضع الوزير فى موقف محرج بداية من تأخره عن موعده الذى كان مقررا فى نقابة الصحفيين ومرورا بتعطيل خطة عمله اليومية فى الوزارة – إن كان فى خطة أصلا- وانتهاء بظهور شائعات أو تردد أخبار حول أن الرئيس استدعى الوزير لكى يقرص ودنه قليلا بسبب مشاكله أو أنه هدده بالإقالة والتغيير إن لم يصف مشاكله مع الأهالى والعاملين بالوزارة والصحفيين..
كل التفسيرات واردة إذن، وكل التخمينات مقبولة طالما أن الدولة بنفسها هى التى فتحت الباب للجميع بذلك الاستدعاء المفاجئ الذى يؤكد كما قلت من قبل على وجود خلل إدارى فى منظومة التواصل والتعامل بين كبار المسؤلين فى مصر، وعلى اعتبار أننى أفترض دائما حسن النية فى السادة المسئولين برئاسة الجمهورية، فأنا لا أصدق أبدا أنهم استدعوا الوزير زكى بدر بشكل مفاجئ لكى يشارك فى توديع الرئيس اليمنى، وأميل بشكل حقيقى إلى رواية أخرى تفسر عملية الاستدعاء الفجائية هذه..
وطبقا لهذه الرواية لا يمكن أن نفصل هذا الاستدعاء الفجائى عن الأجواء التى تعيشها البلد الآن خاصة فيما يتعلق بأزمات الوزير بدر ومشاكله والأزمة الكبرى المعروفة باسم امتحانات ونتيجة الثانوية العامة، ومن المؤكد أن جانبا كبيرا من هذا الاستدعاء كان متعلقا بضرورة أن يهدى الوزير اللعب قليلا على كل الجبهات.
أما الجانب الآخر فهو بالضرورة متعلق بالثانوية العامة ونتيجتها، ففى بلد مثل مصر يعرف الغفير فيها قبل الرئيس أن نتيجة الثانوية العامة يمكنها أن تغير مؤشر المزاج العام للمصريين، لابد أن رئاسة الجمهورية أدركت أن الناس المخنوقة فى البلد والتى اختزنت فى صدورها غضب تزوير انتخابات الشورى ونار تعذيب خالد سعيد لن تتحمل أن تضربها وزارة التربية والتعليم على قفاها بنتيجة قاسية للثانوية العامة.
ومن المرجح أن الرئاسة طلبت من الوزير تهدئة عمليات التصحيح والمرونة فى التعامل مع أوراق الإجابات بحيث تنزل نتيجة الثانوية العامة بردا وسلاما على الأهالى الذين شاهدتهم مصر وهم يتظاهرون بغضب ضد صعوبة أسئلة الإنجليزى والتفاضل ويزغردون بفرح لأسئلة الفرنساوى.. ومن المؤكد أن السادة فى رئاسة الجمهورية يريدون من الناس أن يزغردوا ويسكروا بفرحة النتائج الجيدة حتى ينسوا..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة