كانت أخبار الضرب والتزوير وتقفيل الصناديق تتوالى يوم انتخابات مجلس الشورى وكأنها أمر عادى، أو فعلا تنشره الدولة للتفاخر والتباهى بنتائجه.. كانت الدولة فى مثل هذا اليوم مثلها مثل الكيان الصهيونى الذى أرسل جنوده لضرب أسطول الحرية.. كلاهما تمتع فى كلا الحادثين انتخابات الشورى والعدوان على أسطول الحرية بقدر لا بأس به من "البجاحة" الإنسانية بدأتها إسرائيل فجرا بإرسال قواتها الرسمية لقتل الأبرياء واحتجازهم فى المياه الدولية وكأنها تقول للتخين طظ، واستكملتها الدولة المصرية حينما تركت قوات الأمن والمسئولون عن الانتخابات يفسدون فيها ويزورون كما لم يزور مزور من قبل حتى أنه كان سهلا بالنسبة للصحف والفضائيات أن تصور شبابا بتيشرتات عليها شعار الحزب الوطنى يمارسون أفعال البلطجة ضد المنافسين، وبأوراق التصويت ملقاة فى الشوارع وبلجان انتخابية تم تقفيلها قبل الناس ما تبدأ تصويت..
ما حدث فى انتخابات الشورى مثير وغريب ومقرف ومحبط فى نفس الوقت فما الذى يدفع دولة تدعى قوة مؤسساتها وتتباهى بأن حزبها له الأغلبية إلى أن تخاف من 15 مرشحا إخوانيا لا يعرف لهم الجمهور اسما؟ ما الذى يدفع دولة تقول صحفها على جماعة الإخوان إنها المحظورة التى لا شعبية لها فى الشارع إلى أن تمارس كل أعمال البلطجة بهدف منع مرشحى الإخوان من الفوز؟ ألم يتعلم السادة القائمون على الحزب من أخطاء 2005 ألم يتعلموا أن قوة الإخوان فى الشارع تزيد كلما وجهوا ضد الجماعة تلك الضربات غير المنطقية؟ ألم يفهموا أن الشعب المصرى يعاندهم ويرفع مؤشرات تعاطفه مع الإخوان كلما أمعن النظام فى إظهار عداوته لهم؟
يبدو أن أحدا لا يتعلم، والواضح أن السادة المسئولين الكبار فى الدولة وفى الحزب مش شطار لأنهم لو كانوا شطارا لتعلموا فورا من التكرار.. ولكن ذلك لم يحدث، إن كل يوم وكل شهر يمر من عمر الزمن يترك انطباعا وتأكيدا لا شك فيه على أن السادة المسئولين يعانون من ضمور فى أجزاء المخ المسئولة عن الفهم والاستيعاب بدليل أن أحدا فيهم لم يتم ضبطه متلبسا بالتعلم من أخطائه أو على الأقل الوقوف للحظات لتأمل كوارث أفعاله، كما أنهم أساتذة إهدار الفرص، فكل لحظة من عمر تاريخ مصر الحديث تشهد بقوة على أن القدر منح هذا النظام الحاكم العديد من الفرص لتحسين علاقته بالناس، ورغم ذلك يتفنن السادة المسئولون من وزراء ورجال أمن وفوقهم رئيس الجمهورية فى إهدار تلك الفرص بمهارة يحسدون عليها، وبسذاجة لا تستدعى لروحك سوى المزيد من الشفقة على عقولهم
قلت ما سبق لأننى لم أجد شيئا يمكن أن يقال بعد ما مارسته الدولة من بلطجة وتزوير فى انتخابات الشورى بسبب مرشحى الإخوان، وهم يظنون أنهم يحرمون الجماعة من مقعد فى مجلس شرفى بينما الإخوان فرحون بتلك الضربات التى سينسى الرأى العام خلافات مكتب الإرشاد الأخيرة على خلفياتها، ويغفل عن اختفاء الجماعة خلال الفترة الماضية، وستعود النغمة القديمة عن خوف النظام من الجماعة ليتم عزفها ليل نهار على أوتار أحداث يوم الشورى، وتمهد الجماعة بذلك أرضا جديدة من التعاطف الشعبى تخوض على أثرها انتخابات الشعب القادمة بقوة كانت تفتقد إليها ودعاية لم تكن لتنالها أبدا بعد ما مرت به الجماعة من ظروف مضطربة فى الفترة الأخيرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة