إذا غصنا فى قراءة خاصة بالمنافسة الكروية داخل مونديال جنوب إفريقيا 2010، سنجد أن هناك العديد من النقاط يجب تسليط الضوء عليها، أولها شكل المنافسة وحظوظ المنتخبات المشاركة، والأقرب إلى حصد اللقب بحسابات الورقة والقلم، بالإضافة إلى نجوم الشباك المتوقع أن يكون لهم بصمة واضحة فى هذا العرس، والمدربون الأفضل من خلال التكتيك الفنى والخططى، وأخيراً السؤال يطرح نفسه على سطح كأس العالم هذه المرة.. هل سيكون للمنتخبات الإفريقية شكل مختلف وطموح خاص فى المونديال الأول داخل القارة السمراء؟!
البداية.. أرى من وجهة نظرى أن القوى الكبرى هى التى ستكون مسيطرة على هذا المونديال عبر المنتخبات ذات الباع الكبير فى مغازلة اللقب، والتى دائماً ما تنحصر بين البرازيل وإنجلترا وهولندا وأسبانيا والأرجنتين وألمانيا وفرنسا بالرغم من أنها مستبعدة نسبياً من الظهور الجيد هذه المرة.
من الملاحظ أننى استبعدت المنتخب الإيطالى من المنافسة على اللقب رغم أنها بطلة النسخة الماضية عام 2006، فهذا الاستبعاد مقصود وليس سهواً من جانبى، حيث إننى أرى أن «الأزورى» لن يكون له ظهور قوى وسيخرج مُبكراً، لأنه بحكم معرفتى للكرة الإيطالية وجدت أن مارشيلو ليبى المدير الفنى للفريق وقع فى خطأ كبير وهو الاعتماد على الحرس القديم الذى شارك فى المونديال الماضى، وهو ما يذكرنى بنفس الخطأ الذى وقع فيه انزوتى رزوت المدير الفنى للمنتخب الإيطالى فى عام 1982 وخرج آنذاك «صفر اليدين» بعد إقصائه من دور الثمانية، ونحن الآن نرى التاريخ يعيد نفسه ولكن هذه المرة مع مارشيلو ليبى الذى أصر على ضم تشكيلة البطولة الماضية رغم كبر سن اللاعبين..
الخطأ الأكبر الذى وقع فيه ليبى هو أن معظم اختياراته جاء من خلال نادى يوفنتوس، حيث اختار 7 لاعبين دفعة واحدة ومن المتوقع أن يكون من بينهم 5 على الأقل فى التشكيل الأساسى، فهذا أمر يثير علامات الاستفهام خاصة أن اليوفى يمر بأسوأ فترة فى تاريخه من حيث العوامل الفنية والهبوط فى المستوى والإصابات وغيرها من الأمور الإدارية، إلا أنه فى النهاية لايوجد شىء مستحيل فى كرة القدم ومن الممكن أن نفاجأ بلاعبى المنتخب الإيطالى يحققون نفس إنجاز النسخة الماضية.
حظوظ المنتخب الإنجليزى فى الفوز باللقب تعد هى الأفضل بفضل قوة ومهارة اللاعبين وفكر وتكتيك الايطالى فابيو كابيلو المدير الفنى للفريق الذى يتمتع أيضاً بصرامة شديدة، وهو ماجعله يفرض انضباطاً أخلاقياً بمنع اللاعبين باصطحاب زوجاتهم إلى المعترك العالمى خاصة أن الفترة الماضية شهدت العديد من الجدل داخل صفوف الأسود، بسبب الفضائح الجنسية والتى كان أشهرها قصة قائد الفريق جون تيرى، فهل يفعلها فابيو كابيلو ويجعل الأسود الإنجليزية أسوداً حقاً هذه المرة ويحصلون على لقب البطولة؟!
البرازيل تأتى فى المرتبة الثانية.. هذا بطبيعة الحال، حيث إن نجوم السامبا يكونون دائماً على قائمة المرشحين لاقتناص اللقب، رغم التراجع الملحوظ لهم فى المونديال الماضي، إلا أننى أرى أن البطولة الحالية سيكون لهم شكل مختلف خاصة بالفكر الأوروبى الجديد بالاعتماد على الأداء الجماعى بعيداً عن الفردية التى كانت هى سائدة فى الماضى ومعروف بها نجوم البرازيل.
يأتى من خلف إنجلترا والبرازيل.. كل من الأرجنتين وأسبانيا وألمانيا، حيث إن حظوظهم متساوية فى حصد اللقب، ومن الممكن أن يكون لفرنسا دور رغم أنها خارج الحسبان، إلا أنه من الممكن نجد انتفاضة للديوك، والأهم هنا هو مدى طموح هذه المنتخبات ونجومهم الكبار فى السعى وراء تحقيق إنجاز يحسب لهم ويسجل فى تاريخهم الكروى.
نجم الشباك.. من خلال استرجاع أحداث بطولة 2006، نجد أن الأداء الجماعى كان هو «السوبر ستارز»، واتضح ذلك من المنتخب الايطالى الذى فاز باللقب.. وأتوقع أن يستمر الوضع كما هو عليه فى البطولة الحالية خاصة أن ذلك يعد ظاهرة صحية لأن من المتعارف أن لعبة كرة القدم تعتمد فى المقام الأول على الأداء الجماعى وليس الفردى، على الرغم الموهبة والمهارة لها مذاق خاص لكن الأهم أن يستخدمها صاحبها فى خدمة فريقه، وأرى أن رونى نجم مانشستر يونايتد سيكون له دور كبير مع إنجلترا، وميسى نجم برشلونة مع الأرجنتين، وشنايدر نجم الإنتر مع هولندا.
مشاركة المنتخبات الإفريقية فى هذا العرس.. من واقع خبرتى الكبيرة على الساحة الإفريقية، أرى أن الموقف صعب للغاية بالنسبة لهم، وهو ما سنوضحه من خلال موقف كل فريق فى مجموعته.. ونبدأ بالمنتخب الغانى فهو يعتمد على العناصر الشابة الواعدة وخط الدفاع الجيد وحارسى المرمى المتميزين، ولكن غياب مايكل إيسيان وإيمانويل باتو سيؤثر عليهم خاصة فى منطقة المناورات، كما تكمن مشكلته فى منطقة الهجوم وهو ما اتضح فى بطولة كاس الأمم الإفريقية الأخيرة بإحراز أربعة أهداف فقط، والوصول بهم للنهائى، إلا أن الوضع فى كأس العالم مختلفاً تماما فى وجود منتخبات قوية والمجموعة التى يقع فيها ألمانيا وصربيا واستراليا.
النسور الخضراء النيجيرية من المتوقع أن يتغير أداؤها نسبياً للأفضل بسبب مدربها الكفء السويدى لارس لاغيرباك الذى لديه قدرة قوية للسيطرة على النجوم والتعامل مع البطولات، وتبقى المشكلة التى تواجه لارس هى مدى قدرته فى التغلب على العشوائية والمزاجية التى تسيطر على نجوم النسور، فمثلاُ جوبى أوبى ميكيل نجم وسط تشيسلى الانجليزى يجب أن يغير من عقليته فهو يؤدى بقوة مع تشيسلى لأنه فريق مكتظ بالنجوم ويتخوف على فقدان مركزه على عكس الحالى مع منتخب بلاده فيؤدى معهم بنسبة 50 %.
ساحل العاج .. دائماً ما يُصادف الأفيال سوء حظ فى المونديال بسبب القرعة وتواجدهم فى مجموعة قوية .. 2006 وقعوا مع الأرجنتين وهولندا وصربيا، والبطولة الحالية مع البرازيل والبرتغال وهما مرشحان بقوة للأدوار النهائية، وتكون فرصتهم الوحيدة أمام كوريا الشمالية أضعف فرق المجموعة السابعة.
الكاميرون.. تضم بعد كأس الأمم الإفريقية الأخيرة عناصر شابة جديدة، ومشكلة الأسود البطء الشديد والتعالى والغرور الكروى الذى يسيطر على نجومه، وأزمة خط الدفاع، ونأمل أن يكون مدربه الفرنسى بول لوغوين لديه القدرة للسيطرة على مثل هذه الأمور، للاستفادة من القدرات البدنية والفنية العالية لهم واللعب الجماعى.
جنوب إفريقيا.. اختلف مع الذين يقولون سيكون لهم دور باعتبارهم أصحاب الأرض على العكس تماماً فهم أقل المنتخبات الإفريقية بجانب الجزائر المشاركين فى البطولة، فلايوجد بدائل جيدة ومشاكل فى خط الدفاع وحارس مرمى ضعيف، ومشكلة الانسجام، وفى خط الهجوم لايوجد غير مكارثى كخبرة وليس لديهم خبرات، إلا أنه يمتلك مدربا ممتازا وهو كارلوس ألبرتو، والايجابية الوحيدة الجمهور.
الجزائر.. على مسئوليتى الشخصية منتخب الخضر لن يحصل على نقطة واحدة.. نظراً لقوة المجموعة التى تضم ثلاث مدارس مختلفة، الأولى مدرسة المنتخب الإنجليزى «غنى عن التعريف»، والثانية المنتخب الأميركى الذى يمتاز باللياقة والقوة البدنية والتعامل الجيد مع الهجمات المرتدة، والثالثة منتخب سلوفانيا وهو حالياً من أقوى المنتخبات فى السرعة والأداء واللياقة البدنية، وربما يكون هو إحدى المفاجآت فى هذه المجموعة..فضلا عن أن رابح سعدان المدير الفنى للجزائر وقع فى «فخ الاختيارات الخاطئة بالاعتماد على الحرس القديم واستبعاد رمانة ميزان الوسط خالد لموشية.
المنتخب المفاجأة.. أرى أن منتخب صربيا سيكون صاحب هذا الدور ويلقب بالحصان الأسود لأنه من أقوى المنتخبات الأوربية حالياً، وأتوقع ان يتأهل بجانب المنتخب الألمانى عن المجموعة الرابعة.
المدربون الأبرز.. على الترتيب يأتى الإيطالى فابيو كابيلو فى المقدمة.. ثم دونجا.. ثم دل بوسكى.. ثم مدرب سلوفينيا ماتياس كيك.
غياب مصر.. خسارة كبيرة لإفريقيا.. فهو الأفضل حالياً داخل القارة السمراء من حيث الخبرة وحصد ثلاث ألقاب قارية متتالية ولاعبين ذوى إمكانات عالية، ويمتلك البدائل الشابة الجيدة ومدرب ممتاز اسمه حسن شحاتة خسارة كبيرة!!