ربما ستسمع اليوم عن حالة انتحار أو أكثر من زائر للمستشفى مصابا بانهيار عصبى، بخلاف حفلات النواح والصياح والبكاء والإغماءات التى سينظمها الآباء والأمهات عقب إعلان النتيجة.. أيوه بالأمس وصباح اليوم ظهرت نتيجة الثانوية العامة، فاستعد لفاصل من الارتباك النفسى والعصبى سيصيب نصف سكان مصر على الأقل، الناجح منهم ومن لم يحالفه الحظ فى نيل شهادة النجاح أيضا، وإذا كان يمكن أن نتقبل فكرة بكاء وانهيار الأب والأم الذى فشلا ابنهما فى الحصول على شهادة النجاح، فإنه من الصعب جدا أن تتقبل نفس الفكرة من أب وأم حصل ابنهما على مجموع إجتاز به خطوط النجاح وبمسافات طويلة.
صحيح، تكون أمنية الحصول على مجموع فلكى فى الثانوية العامة هى الأقوى والأفضل بالنسبة للأهل، ولكن الغريب أن نفس الأهل الذين يبكون على المجموع الضعيف لطالب الثانوية العامة الضعيف، هم أول من يعلمون أن الـ90% لن تفعل لطالب الثانوية العامة أى شئ، وأن الحكومة التى لا توفر كلية محترمة وتعليم جيد لطالب الـ50% لا توفر فى المقابل كلية ذات مستوى تعليمى محترم ولا فرصة عمل آدمية للطالب صاحب ما هو فوق الـ90%.
ثم إن التاريخ يؤكد لتلك الأم المكلومة وذلك الأب المنهار أن العبرة فى نجاح ابنهما فى الحياة لا تتعلق أبدا بمجموع الثانوية العامة، بدليل أن أعلى هيئة رسمية فى الدولة، وهى رئاسة الجمهورية، يأتى على رأسها منذ بدأت لم تتجاوز مجاميعهم فى الثانوية العام نسبة الـ60 %، صحيح أننا لا نعرف مجموعا محددا للرئيس مبارك فى الثانوية العامة مثلما لا نعرف شيئا آخر عنه، ولكن كل الشواهد تقول إن الرئيس مبارك كان مثل أسلافه، ففى القسم الأدبى من مدرسة النهضة الثانوية بحى الظاهر أتم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر دراسته الثانوية بمجموع لم يصل إلى 60%، بينما كان حظ الرئيس السادات أقل كثيرا فيما استطاع أن يحصله من درجات فى الثانوية العامة.
العبرة إذن فى الخواتيم، أيها الأب وأيتها الأم وقبل أن تقرروا البكاء والانهيار ودفع أولادكم إلى الانتحار أو الكفر بإمكانية تحقيق شىء ما فى المستقبل تذكروا أن الـ50% أو الـ60% هذه قد تصل بهم إلى حيث يجلس الرؤساء.
لن تكن نهاية الدنيا إذن.. إذا لم يحصل طالب الثانوية العامة على ذلك المجموع السحرى ( 99%) لأن الحزب الوطنى طالما تحصل على تلك النسبة فى كل اختباراته، ولكنه فاشل تماما على طول الخط، وربما كانت مجاميع أخرى أقل هى الطريق الأقرب للنجاح فى الحياة والطريق الأبسط للوصول إلى حيث توجد منصة جائزة نوبل، أحمد زويل العالم المصرى الشهير لم يتجاوز مجموعه فى الثانوية العامة نسبة الـ80% وهو مجموع إن تحصل عليه طالب الآن سوف يطلب منه أهله أن يدفن نفسه حيا، ولم يدخل زويل كلية الطب ولم يكن ذلك نهاية المطاف، فقد درس الرجل الكيمياء فى كلية العلوم بجامعة الإسكندرية وحصل على البكالوريوس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف سنة 1967، ثم حصل على الماجستير من جامعة الإسكندرية وانطلق ليحصد جائزة نوبل..
لا تغضبوا إذن مما قد يفاجئكم من درجات فى ورقة النتيجة وابحثوا مع أولادكم عن طرق أخرى يحققون بها النجاح بعيدا عن مجموع الثانوية العامة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة