كل ما تسمعه أو تراه أو تشمه من حولك مجرد شائعات، أو أحداث افتراضية لا تنتمى إلى الواقع، وحتى لو كنت تحس بتأثير هذا على أحوالك أو تشعر بالخوف أو الدهشة فلاشك أن كل هذا مجرد أعراض مرض الشائعات التى أصبحت تحيط بنا من كل اتجاه، وعليك ألا تشعر بالقلق لأن كل شىء تحت السيطرة، الحكومة تكافح الفساد وتقاوم رفع الأسعار وتكافح اللحوم الفاسدة والقمح الفاسد والطعام الفاسد والصفقات الفاسدة، مع أن الفساد فى كل أنحاء العالم ونحن نبالغ كثيرا ونضخم من حجم الفساد، ولا يوجد احتكار أو تلاعب فى التشريعات أو تزوير للانتخابات.
كلها مجرد شائعات ومبالغات وتداخلات أو النظام كله لا يغمض له جفن حتى يقضى على كل الأعراض حتى آخر نفس.
كل يوم قضية وأحيانا فضيحة أو فساد رشوة محسوبية كارثة مرض ومع كل هذا تأتى ردود الأفعال الحكومية والرسمية كعادتها على مستوى الحدث، إذا ظهرت لحوم فاسدة يسارع المسئول ليعلن أن اللحوم ليست فاسدة وأن الأمر كله مجرد شائعات، وخلال الأسبوع الماضى قرأت فى الصحف وسمعت فى وسائل الإعلام تصريحات رسمية يعلن فيها المسئولون أن اللحوم المصابة بالديدان شائعات، ومبالغات، وعوامل نفسية. وأن وراءها مغرضين أو مندسين أو مستعرضين.
أسعار اللحوم ترتفع منذ أكثر من أربعة شهور لكن ترى وزير ومسئولى الزراعة يعلنون بكل اطمئنان وبراءة الوزراء فى عينيهم أن اللحوم أسعارها لم ترتفع وأن الشائعات هى التى تجعلها ترتفع، وإذا اضطروا للاعتراف بوجود تلاعب سوف يتهمون ضعاف النفوس باللعب فى الأسعار والأعلاف والكهرباء ليرفعوا الأسعار ويشعلون الأسواق.. وسوف تجد ضعاف النفوس هؤلاء متهمين مع أن أحدا لا يعرفهم ولم يرهم أو يتعرف عليهم، مع أننا نراهم يوميا فى الحكومة والحزب والبرلمان والتليفزيون.. لكن الفساد يستمر والقافلة تسير وتتوغل وتتسع ولا تنقشع.