العالم يتفرج على حصار إسرائيل لغزة وتصعيد وتيرة الاستيطان فى الضفة الغربية، كما لو كان يشاهد مسلسلاً تلفزيونياً، فى الوقت الذى يمارس فيه حصار إيران وكوريا الشمالية مثل شرطى المرور فى ميدان عام!
طبعاً مشاهد المسلسل التليفزيونى لن يتدخل فى المشاهد المتتابعة أمامه على الشاشة حتى لو ظهر المجرم يحمل بندقيته مطلقاً النار على المدنيين أو معتقلا الأطفال، أو مانعاً وصول الغذاء والدواء للنساء من الأطفال والمرضى، كل ما يمكن أن يفعله أن يضغط على زر الريموت ليحول القناة إلى مشهد ثورة أهالى جنوب لبنان على التحركات المشبوهة لقوات اليونيفيل، أو مشهد الإخطبوط بول وهو يفرد أذرعه على الصندوق الذى يحمل علم أسبانيا، أو على مشهد القبلة الساخنة للحارس الأسبانى كاسياس لصديقته.
أما شرطى المرور فلن يتفرج على السيارات التى تمرق أمامه فى اتجاهات متقاطعة، فعليه التدخل والتنظيم والتعنيف بتدوين المخالفات وسحب الرخص من السائق أو حتى طلب سحب السيارة من سائقها، أو منع تزويد الطيران المدنى والإيرانى بالوقود فى المطارات الأوروبية، والضغط فى سبيل مرور سيارات العقوبات فقط باتجاه طهران ومنع أى مقترحات لحل الأزمة.
العالم الذى يتفرج على مشاهد حصار غزة يتناسى الهجوم البربرى الإسرائيلى على السفينة "مرمرة" وأسطول الحرية فى المياه الدولية للبحر المتوسط، وقتل وإصابة المدنيين الذين قرروا المخاطرة بكسر حصار أهالى غزة، كما يتناسى ما يحدث الآن لسفينة الأمل الليبية فى المياه الدولية أيضا، واعتراض زوارق البحرية الإسرائيلية لها وإجبارها على تغيير مسارها من غزة إلى العريش!
ويتناسى العالم أن سفينة المساعدات الليبية ومن قبلها أسطول الحرية ومن بعدهما كل سفينة يحركها أصحاب إرادة مقاومة الاحتلال ، تنقذ القانون الدولى الإنسانى، وتواجه جريمة ضد الإنسانية لم تتكرر منذ الحرب العالمية الثانية، إلا فى بعض مناطق جنوب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصرى، لكن العالم يتواطأ مع العدوان الإسرائيلى بالصمت ويترك القانون الدولى حبراً على ورق مهمل، الأمر الذى يعرض الأمن العالمى كله للاختلال.
قلت سابقاً وأكرر أن تواطؤ الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومعهما العواصم الكبرى مع بعض الأنظمة الخارجة على القانون ضد أصحاب الحقوق من شأنه نشوء حركات وميليشيات وأحزاب خارج سيطرة الدول تواجه العنف بالعنف، وتفوض السلام والاستقرار فى مناطق العالم الحيوية، فإذا لم يردع مجلس الأمن بدعم واشنطن وموسكو وبرلين، عدوان إسرائيل، ستتحرك ميليشات لإيلام نظام تل أبيب دون النظر فى المخاطر المترتبة على إيلام إسرائيل حتى لو كانت إشعال الشرق الأوسط.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة