نحن غاضبون ومحبطون وغير راضون لكل حرف جاء فى التقرير المبدئى الذى أعدته مصلحة الطب الشرعى حول ما أسفر عنه إعادة تشريح جثة خالد محمد سعيد شهيد الإسكندريه بمعرفة اللجنة الثلاثية التى أمر بتشكيلها النائب العام، والسبب ليس لأننا نشك فى التقرير فقط ولكن لأننا دائما ما نشكك فى كل التقارير التى تصدرها جهات تعمل تحت مظله الحكومه المصرية بشكل عام، وسبب التشكيك أن كل ما يصدر بشكل رسمى دائما ما نراه محاولة لتجميل الحالة المصرية التى فقدنا جميعا الأمل فى أن تكون بخير كما تبشرنا تقارير الحكومة لأنها دائما تكون عكس ما يشعر به المواطن الذى فقد الثقة فى كل شىء تقدمه حكومتنا الرشيدة.
إذن موضوع الرفض الشعبى للتقرير الطبى لشهيد الإسكندرية، لم يكن وليد لحظة غضب أو تعاطف مع الشهيد خالد سعيد فقط بل لأننا شعبا يكره كل ماتصدره الحكومة أو الأجهزة التابعة لها من تقارير فكم تقرير خرج من بطن حكومة نظيف حول البطالة وصدقناه، وكم تقرير خرج ليؤكد للشارع المصرى أن اقتصادنا "زى الفل"، ورفض المواطن تصديق ذلك.
لقد أصبح المواطن فى جانب وكل الأجهزة الحكومية فى جانب آخر، ومن المستحيل أن يجتمعوا على تقرير، أو قرار فالكل يرى أن حكومة الدكتور نظيف أو من سبقه لا يقدمون إلا التقارير التى تخدم مصالحهم وتكون على هوى النظام لأنهم على ثقة أنهم مرتبطون بمناصبهم بهذه التقارير الوهمية عن حجم الإنجازات الوهمية أيضا التى لا يشعر بها أحد.
وربما ثورات الغضب فى الشارع المصرى وما يحدث الآن من مظاهرات واعتصامات واحتجاجات وصلت أحيانا إلى قطع الطرق ومواجهات دموية مع الأجهزة الأمنية هى أكبر دليل على أن الشارع لم يعد يصدق أى مسئول فى مصر لأن أغلب هذه المظاهرات والاحتجاجات كانت بسبب قرار ت أو تقارير حكومية أصدرها المسئولون فى الأجهزة المختلفة، وكانت فى ظاهرها مع المواطن ولكن فى باطنها ضد مصلحته.
ولهذا لم يكن غريبا أن يشكك الأغلبية فى التقرير الطبى لشهيد الإسكندرية باعتبار من وضعه موظف تابع للجهاز الإدارى للحكومة المصرية وتخرج الصيحات لتطالب بوجود لجنة دولية لكتابة التقرير الطبى لجثمان الشهيد خالد سعيد.. ويبدو أننا لا نحتاج لجنة دولية لكتابة تقرير طبى فقط، بل إننا نحتاج لجان دولية فى كل شىء فى مصر حتى لا يتم تزوير الانتخابات، ووضع حد للفساد الإدارى والتحقيق فى جريمة العصر الكبرى، والخاصة بالتفريط فى شركات القطاع العام بالفعل نحتاج للجنة دولية لفتح ملفات قضايا الرأى العام، وكشف المسئولين عن تلوث المياه والغذاء والهواء ولحل أزمة مياه النيل نحتاج للجنة دولية لكى تعيد الثقة المفقودة بين المواطن وحكومته فى تقاريرها المضروبة، والتى اعتاد المواطن أن يقرأها لكى يكذبها ويسخر منها لأنه يعلم جيدا أنها مجرد كلمات مكتوبة، ولا تمت للواقع بصلة لأنها بعيدة عن الواقع المر للمواطن المصرى المطحون.
وأخير ا ستظل تقارير الحكومة محل شك وريبة فى نظر المواطن لأن أغلبها لا يتمتع بالشفافية المطلوبة، ولأن أغلب الجهات التى تصدر تلك التقارير أغلب أعضائها ولاؤها للكرسى الذى تجلس عليه أكبر من ولائها للمواطن، لأنهم يبحثون عن عبارة "كله تمام" كى يرضوا قيادتهم قبل أن يرضوا الجماهير التى فقدت الثقة فى كل شىء يخرج من مكاتب المسئولين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة