لا أدعى أنى من بين هؤلاء الذين يشعرون بالولاء للحكومة كملايين غيرى، ولا بالشفقة على المسئولين، ولا بحب الحزب الوطنى برغم اسمه ولا أدين بفضل لعصر مبارك أو رجاله.
ولا أدعى أنى من هؤلاء الذين يتبنون فكرة أن العيب ليس فى المؤسسة الرئاسية، ولكن العيب فى ما يحيطها، ولكنى أعترف أنى صحوت اليوم وبعد أن قرأت الصحف أحسست بالإشفاق لأول مرة على الرئيس المصرى مبارك الذى طالب مجلس الشعب بالعدول عن مشروع القانون الخاص بتحصيل 1% من ثمن بيع الأعمال الفنية لصالح النقابات الفنية المهنية.
هذا المشروع الذى تسانده النقابات ومجلس الشعب فى مواجهة منتجى الأعمال الفنية السينمائية والتليفزيونية الذين هددوا بإغلاق دور العرض ووقف الإنتاج.
الرئيس طالب مجلس الشعب بعدم تمرير القانون لعدم دستوريته، وطالب المجلس بأن يتريث فى المطالبة بمشاريع قوانين يثبت عدم دستوريتها لأنها تسن على عجل دون دراسة كافية.
شعرت بالفعل بعد قراءة هذا الخبر بالإشفاق الشديد على رجل يحكم بلداً يتطلب منه أن يجتمع بالمسئولين عن الزبالة، وأن ينبه مجلساً تشريعياً عن تجاوزاته الدستورية.
شعرت بإشفاق على حاكم بلا غطاء تشريعى أو تنفيذى، فلا مجلس الشعب المنوط به معرفة وسن القوانين يعرف الفرق بين ما هو دستورى وما هو غير ذلك، ولا حكومة تنفيذية قادرة على أن تسير أبسط احتياجات المواطن من أن يعيش فى شوارع بلا زبالة.
منذ سنوات ليست بكثيرة، كتب أحد رؤساء تحرير إحدى الصحف القومية أنه يشعر بالإشفاق على الرئيس من حكم الشعب يومها، كتبت عشرات الأقلام تهاجم الصحفى الذى وصل به التملق أنه مشفق على الحاكم من المحكومين، وصارت الحكاية نكتة صحفية وقفشة سياسية، ولكنى لا أشفق على الحاكم من المحكومين، ولكنى أشفق عليه ممن اختارهم ليشاركوه الحكم، ولعلى فى ذلك أخرج من الاتهام بتملق السلطة بأقل قدر من الخسائر، وأتساءل ما هذا البلد الذى صار كل خطب فيه يبدأ من عند الرئيس وينتهى إليه؟ كل صاحب حق أو كل متصور لحق يطلب اللجوء للرئيس؟ وكل تجمع يظهر أمام الشاشات من متضررى سيول إلى زلزال إلى غلاء إلى عشوائيات كلهم يمسكون برقبة الرئيس؟ ما هذا البلد الذى صار حتى مرضاه يحلمون بالشفاء على يد الرئيس، وكأننا خلعنا على الرجل رداء آلهة الإغريق القادرة على أن تضع عصاها على النحاس ليتحول إلى ذهب أو حكام الفراعنة الآلهة.
حسنى مبارك مجرد رجل يأكل مما نأكل ويمشى أحيانا فى الأسواق، ولا يملك عصا آلهة الإغريق ولا الفراعنة، فكيف به يحمل ما تحمله له حكومته الرشيدة بشقيها التشريعى والتنفيذى؟ ولذا أنا لن أشفق على الرئيس من الشعب ولكنى أشفق عليه من حكومة ومسئولين اختارهم ليتبؤا كراسى المسئولية إلى جواره، فما كان منهم إلا أن خذلوه دون استثناء، أما الشعب فلا عزاء له إلا الإمساك برقبة الرئيس.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة