حمدى الحسينى

من واشنطن.. سكران بلا خمر!

السبت، 17 يوليو 2010 06:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أدهشتنى شوارع نيويورك، بالرغم من نظافتها ودقة تنظيمها إلا أنها لا تخلو من المطبات والحفر.. علامات وإرشادات ولافتات ضخمة تملأ الشوارع بطول الطريق من المطار حتى قلب المدينة التى لا تنام.. بسرعة شقت بنا السيارة طرق وشوارع وأنفاق طويلة وسط غابة من البنايات الشاهقة..

خالد بدأ يصف ويحكى عن أشهر شوارع وأحياء نيويورك منهاتن، وبروكلين، بردواى.. لكن مخزون الطاقة عندى كان فى تناقص مستمر.. مررنا بالقرب من ميدان "تايم اسكوير" أشهر ميادين نيويورك.. كان يكتظ بأفراد وعربات الشرطة ينتشرون فى المكان فى مشهد غير عادى على الإطلاق.. الساعة كانت تخطت السابعة مساءً، وبدأ الليل يرخى سدوله.. أضواء سيارات الإطفاء والإسعاف تنشر الرهبة والقلق.. فى مبنى يشبه مجمع التحرير هبطنا ثلاثة طوابق تحت الأرض لنجد موقفاً للباصات المتجهة إلى واشنطن..

اليوم الشرطة عثرت على سيارة مفخخة قبل انفجارها بلحظات.. فى السابعة ونصف تماما بدأ الباص فى التحرك.. أغلب الركاب من الشباب كأنهم يمثلون الأمم المتحدة.. بينهم أصحاب الملامح الأسيوية والأفريقية واللاتينية ثم الشرق أوسطية والعربية.. بعد دقائق أخرج بعضهم لاب توب وبدأ فى الإبحار على الإنترنت.. ودعتنا نيويورك بموجة من الأمطار الكثيفة تخللتها موجات أخرى من البرق والرعد لم أرَ لهما مثيلا من قبل.. كانت كل قواى قد خارت وأصبحت مثل السكران بلا خمر.. فلا أنا نائم ولا مستيقظ أشعر بما يجرى من حولى ولكنى غير مدركٍ للتفاصيل..

أخيرا استسلمت للنوم الإجبارى.. أفتح جزءا من عينى كلما اهتز الباص.. لا أرى سوى سيلا من الأمطار بينما السائق يشق الضباب والظلام فى سرعته المعتادة.. قبل الموعد بدقائق كان الباص يدخل مبنى نظيفا للغاية ويرحب بنا السائق فى محطته الأخيرة.. من بعيد لمحت اثنين من الأصدقاء كانا فى انتظارى، الأول مصرى والثانى عراقى.. التقط أحدهما حقيبتى وأشارا إلى السيارة الواقفة خارج أسوار المحطة.. ثم سألنى أحدهما هل استوقفتك أو حققت معك شرطة نيويورك؟.. فى الفندق كانت كل محطات التليفزيون الأمريكية لا حديث لها سوى عن تفاصيل حادث محاولة تفجير ميدان "تايم اسكوير"..

فجأة ظهر رئيس شرطة نيوروك يدلى ببيان عاجل قال فيه إن لدى أجهزته معلومات هامة حول مدبر الحادث الإرهابى، مشيرا إلى أن المشتبه به يحمل ملامح شرق أوسطية وأن كاميرات المراقبة المزروعة بالميدان التقطت له صورا أثناء هروبه من موقع الحادث.. رغم الأمطار الغزيرة كان طقس واشنطن معتدلا.. كل همى الآن اللحاق بمؤتمر الصباح.. فى مبنى عريق وسط واشنطن يقع مجمع يحمل اسم الرئيس الأمريكى الراحل "ريجان".. يضم قاعات ومطاعم ومكتبات ومكاتب حكومية بعضها تابع للبيت الأبيض وبعضها الآخر مخصص لإقامة المهرجانات والاحتفالات.. بسهولة وجدت اسمى وسط كشوف المشاركين وبسرعة تم تسليمى بطاقة صحفية تسمح بتغطية كافة أنشطة مؤتمر الرواد الاجتماعيين..

يوم حافل باللقاءات مع مشاركين من مصر ومختلف الدول العربية والإسلامية.. أغلب الجلسات كانت عبارة عن استعراض للصعوبات التى واجهت أصحاب المشاريع وكيف تغلبوا عليها حتى حققوا أهدافهم، فمثلا تجربة السيدة فاطمة فى تزويد القرى النائية والمعزولة فى إندونيسيا بالطاقة الكهربائية، ثم عرض لتجربة ساقية الصاوى من مصر، كمشروع أهلى غير هادف للربح.. كذلك مشروع خديجة المغربية فى التطريز والأعمال اليدوية التى فتحت فرصا لمئات السيدات، وكان البنجلاديشى الدكتور محمد يونس، مؤسس بنك الفقراء، يناقش أصحاب المشاريع ويسعى لدعمهم بالنصائح والأفكار، وأبدى الجميع إعجابهم بمشروع أعياد الميلاد لفتاة الثانوية زهرة وزميلاتها فى رام الله المحتلة..

فى ختام استعراض الفتاة الفلسطينية لتجربتها فى تزين المنازل وتجهيزها للحفلات.. الفتاة الفلسطينية أعلنت أمام الجميع عن أمنيتها فى الحصول على منحة للدراسة بإحدى الجامعات الأمريكية.. نادية، وسلوى من أبرز موظفات المكتب الإعلامى بالبيت الأبيض، الأولى تتحدث العربية بلهجة مصرية والثانية محجبة تتحدث الإنجليزية بلكنة أمريكية، كما تجيد التركية مثل أبويها..

بمجرد أن ينتهى أى متحدث تكون كلمته مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية وتنتشر نادية وسلوى بين الوفود توزع عليهم الابتسامات والكلمات.. قبل أن أستعد للعودة همست زميلة لبنانية فى أذنى "لا تتأخر غدا لأن شخصية هامة ستلقى بالمشاركين"..

• رئيس قسم الشئون العربية بمجلة روزاليوسف.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة