لم يكن إعجابى وانبهارى بالكاتبة المبدعة المتميزة الدكتورة لميس جابر وليد صدفة بل وراءه تراث كبير من قوة وشجاعة كاتبة وضعت لنفسها إطاراً واحداً لكل ما تكتبه، هو أن الحقيقية هى التى تبقى وما دون ذلك يذوب ويذهب مع الريح، وفى سبتمبر من العام الماضى سطرت الدكتور لميس جابر بقلمها وفى عمودها بجريدة المصرى اليوم حكماً ببراءة الدكتور هانى سرور من القضية الشهيرة باسم "أكياس الدم وبشركة هايدلينا" وقدمت كل الأدلة القانونية وشهادات من كبار المتخصصين لتؤكد ما توصلت إليه ولم تكتفِ د.لميس بأحقية د.هانى سرور بالبراءة، بل إنها أشارت ـ وبشجاعة تحسد عليها ـ إلى أن ما يتعرض له رجل الأعمال ممدوح إسماعيل صاحب العبارة السلام من هجوم مبالغ فيه ووراءه أغراض شخصية وأن الرجل يستحق البراءة.
وقتها شعرت بالخوف الشديد على الدكتورة لميس وكتبت وقتها فى اليوم السابع أشيد بشجاعتها، لأنها ببساطة شديدة كاتبة تسبح ضد التيار فى كل ما تكتبه، وأنها لا تخشى ملاحقة أحد من هواة إلقاء التهم جزافاً، كما أنها تمتلك من الجراءة والشجاعة ما يجعلها تتبنى الرأى الصادم فى قضايا اعتبر البعض أنها أُغلقت بـ«إدانة أطرافها»، وأن الاقتراب من هذه القضايا لفهم الحقائق بهدوء بعيداً عن الصراخ والتهويل يعد «خيانة كبرى».
واليوم عادت الدكتور لميس جابر لتؤكد رؤيتى الخاصة عنها بأنها أشجع كاتبة صحفية فى مصر وأكثرهم صدقاً، لأنها وبصراحة لم تخشَ هجوم خفافيش الظلام ومحامى التعويضات ودراويشهم الذين تفرغوا لكل من يتعرض لهذه القضيه ويكون له وجهة نظر تخالف أحلامهم، حيث نشرت فى عمودها فى جريدة "الوفد" تحت عنوان "براءة هانى سرور والضرب تحت الحزام"، حيث أكدت فيه صدق توقعها ببراءة د.هانى سرور معتمدة على شهادات متخصصة وعلى رأسها شهادة الدكتور حمدى السيد الطبيب والأستاذ ونقيب الأطباء، الذى قال بالنص "إن قضية د.هانى سرور الخاصة بأكياس الدم وبشركة هايدلينا قضية أونطة وهدفها ضرب صناعة وطنية ممتازة وزهيدة لصالح جماعة مستوردين لنفس السلع".. وقال إنه واثق من براءة هانى سرور، وصدق توقع د.لميس والدكتور حمدى السيد ونال سرور البراءة فى قضية أكياس الدم من محكمة النقض وهى أعلى درجه تقاضى فى مصر .
د.لميس جابر لم تتحدث على صدق حدسها فقط مع قضية هانى سرور، بل ذهب تؤكد أن قضية مثل قضية العبارة السلام 98 هى الأخرى سيكون مصيرها هو نفس مصير قضية هايدلينا وسيحصل المتهمون على البراءة فى النقض، لأن القضية برمتها افتعلها البعض، فتقول د.لميس "كتبت عن هذا الموضوع وعن الرأى العام الذى يشتعل بناء على اشتعال الصحافة والإعلام اللذين يتوليان الإدانة فى أحيان كثيرة بدلاً من القضاء وقبل صدور الأحكام والناس بشكل عام قابلة للتصديق لكل هذه الإدانات من شدة معاناتهم ومحاصرتهم بفساد مماثل ومكدس فلا يتصورون أن رجل أعمال ممكن أن يكون بريئاً.. وإذا حدث وبرأته المحكمة يقولون إن القضاء والمحاكم أصبحوا فاسدين.." وبالفعل هذا ما حدث مع ممدوح إسماعيل وهانى سرور عندما نال كلاهما البراءة فى أول درجة تجرأ قلة من محامى التعويضات على القضاء وهاجموه بصورة خطيرة وبعد صدور أحكام ضد رجلى الأعمال سرور وإسماعيل عادوا وأثنوا على القضاء، لأن أحكام الإدانة ضد الرجلين جاءت على أهوائهم رغم علمهم الكامل بأن كل من سرور وإسماعيل ليس لهما دوراً فى القضيتين.
عادت د.لميس لتقول الصدق فى قضية ممدوح إسماعيل، حيث تؤكد أن إدانة الرجل جاءت سريعة جداً وشديدة جداً إعلامياً وصحفياً وقد تكون من صنع رجال بيزنس وربما كان هناك من يريد أن يلهف الطريق الملاحى فى البحر الأحمر وسمعت بالفعل تناتيش كلام تقول إن البيزنس كاد أن يبدأ ثم توقف، لأن أصحابه لم يستطيعوا تقديم خدمة رخيصة لعملاء هذه السفريات وهم العاملون بالدول العربية وعامة الناس من فقراء المعتمرين والحجاج ومازال الخط فقيراً ومازالت الناس تتكدس بالأيام فى نويبع فى انتظار عبارات قليلة.
الدكتورة لميس التى أكدت أنها لا تعرف كلاً من ممدوح إسماعيل أو هانى سرور وجدت من يعلق على مقالها الذى نشرته فى المصرى اليوم وقتها بتعليقات غريبة من عينة تعليقات مافيا التعويضات، ومنها كما قالت لميس فى مقالها الذى نشرته اليوم فى الوفد «إنك كنت نصيرة الفقراء وكنا فاكرينك كده طلعت منهم»، «الآن تدافعين عن قاتل الفقراء وكنت تخدعينا بكلامك السابق»، «أكيد ممدوح إسماعيل عزمك أسبوع فى لندن ونزلت عملت شوبينج على حسابه.. إلى آخره وهى نفس عينة من التعليقات التى وجهها أصحاب المصالح ضدى عندما أطالب بعضهم بضرورة إعادة قراءة القضية وتقارير النيابة التى أكدت أن العبارة كانت سليمة، وكذلك حكم أول درجة الذى براء ممدوح إسماعيل، الذى أشار إلى أنه غير مسئول وأن المسئولية تقع على عاتق القبطان.
لقد أشار تقرير حكم البراءة، الذى صدر فى أول درجة لصالح ممدوح إسماعيل وآخرين إلى عدم وقوع أية مسئولية جنائية عليه، حيث أشار الحكم إلى أن الثابت للمحكمة التقرير النهائى المعد بمعرفة لجنة تقصى الحقائق المشكلة بقرار من مجلس الشعب، والمقدم من الشاهد محمد حمدى الطحان رئيس اللجنة بجلسة 3/2/2008، أن أجهزة الشركة الوطنية للملاحة قد أستقبلت يوم 3/2/2006 خمس إشارات استغاثة من مركز التحكم بالجزائر خاصة بجهاز الايبيرب المركب بالسفينة السلام بوكاشيو 98 تفيد غرقها، البرقية الأولى وردت للمركز الساعة (34:2) تم تسجيل وصولها آليا لمركز البحث والإنقاذ الساعة (90:3).
كما شهد السيد عمر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة المشكلة قبل النيابة العامة ـ أمام المحكمة ـ بأن جهاز الإيبيرب المتواجد على السفن يعتبر وسيلة دولية معتمدة للإبلاغ عن غرق السفن وتحديد موقعها.
ومن ثم فإن القدر المتيقن للمحكمة أن مركز البحث والإنقاذ قد علم بغرق السفينة فى وقت سابق على علم المتهمين، مما تكون معه الغاية من تكليفهم بإخطاره بالواقعة قد تحققت، ولا يرتب تأخر المركز فى الاستجابة لما تسلمه من إشارات استغاثة ثمة مسئولية قانونية على عاتقهم، وهو ما لم يعجب محامى التعويضات.
كل هذه الحقائق التى برأت الرجل فى أول درجة لم تعجب أحداً من محامى التعويضات ففتحوا نار جهنم على القضاء، الذى كنت أخشى عليه كثيراً، لأن يتأثر بهذه الحرب الإعلامية، وهو ما حدث وحكم على ممدوح إسماعيل بالسجن لمدة 7 سنوات وهدأت العاصفة إلى حد كبير، لكن لم تنتهِ الثورة، فخرج من يشكك فى كل عبارات السلام، وهو قول غير حقيقى، لأن التقارير الفنية أكد أنها عبارات سليمة 100%، وهو ما ذكره أحمد محمود مدير المبيعات البحرية والصادرات بشركة موبيل مصر، فى تقرير مؤشرات الفائدة لشركة موبيل ،أن شركته ساهمت فى دفع عدد من الشركات العاملة بمجال نقل الركاب، الى الأمام ومنها شركة السلام للشحن، حيث انضم للأسطول المكون من 8 عبارات، عبارة أخرى تعد واحدة من أكبر العبارات الناقلة للركاب فى العالم، وتخطط شركة السلام لإبقاء عبارتين على خط الملاحة فى البحر الأدرياتى، على أن تعمل باقى العبارات موزعة بين البحر الأحمر والمتوسط واعترفت به النيابة والتقرير الفنية وينفى ما زعم به البعض من أن الحادث مدبر، لأنه لا يعقل أن يدمر رجل أعمال سمعته بيديه، وهو منطق مقلوب وشاذ استخدمه البعض لضرب سمعة الرجل والذى تسبب اختفائه إلى انهيار أسطول العبارات الرخيصة والشعبية التى كانت تخدم البسطاء وصدق توقع الدكتورة لميس، وهو ما أشارت إليه سلسلة تحقيقات نشرتها اليوم السابع فى عددها الأخير بأن أسطول العبارات البديل للخط الملاحى لعبارات ممدوح إسماعيل لم تستطع أن تكون البديل وضرب موسم العمرة، وهو اعتراف أكدته قيادات كبيرة فى النقل البحرى.
وأتفق مع الدكتورة لميس فى كل حرف كتبته فى جريدة الوفد اليوم وقبله فى المصرى اليوم، فقد لمست بما كتبته جزءاً كبيراً من الحقيقة، والدليل الذى أكده لى أحد المسئولين الكبار فى مجال النقل البحرى، أن قضية غرق العبارة السلام كانت مثل أى قضية، إلا أن هناك من استغلها للقضاء على ما تبقى من سيطرة المصريين على وسائل النقل البحرى، وذلك لصالح رجال أعمال سعوديين، والدليل أنه لم يعد هناك رجل أعمال مصرى يملك ولو عبارة واحدة تسير من نويبع إلى جدة بعد أن اختفت عبارات ممدوح إسماعيل واحتل مكانه رجال أعمال عرب وسعوديون، وهى حقيقة كان من الضرورى كشفها الآن بعد أن نجحت الكاتبة لميس جابر فى أن تعطينا حبوب الشجاعة التى تجعلنا نقول بصوت عالٍ إن هناك قضايا عادية يتم استخدامها وتهويلها لو كان أحد أطرافها رجل أعمال، إما بهدف ضرب استثماراته لصالح الآخرين أو بهدف ابتزازه.. والدليل أنه رغم أن القضاء المصرى العظيم قد حكم بسجن ممدوح إسماعيل فإن الرجل مازال يتعرض لأبشع أنواع الهجوم وهدف مهاجميه هو القضاء على ما تبقى له من استثمارات على أرض مصر، وهو ما يعنى تشريد آلاف العاملين فى الشركات التابعة لهذا الرجل وهذا يعنى مزيداً من البطالة، وهو ما يمهد الطريق لقيام رجال أعمال منافسين له بشراء هذه الشركات واحتكارها لصالح رجال أعمال عرب.
مرة أخرى تعود الدكتورة لميس جابر لتدخل عش الدبابير، لأنها قالت كلمة حق فى وجه محامى التعويضات الذين سيغضبون منها ويفتحون نيرانهم عليها، لأنها أصابت كبد الحقيقة، وهى أن هانى سرور برىء وهو ما أثبته حكم المحكمة الأخير، وكذلك ممدوح إسماعيل برىء وسوف تؤكد الأيام أن كل ما حدث للرجل من تشويه وضرب فى استثماراته مجرد مؤامرة، لأنه لم يخطئ وأن قائد العبارة هو الذى يتحمل كل ما جرى لها وهو شىء معروف لكل عاقل، إن ربان أى سفينة هو رئيس جمهوريتها لا يستطيع أى شخص مهما كانت سلطته، أن يجبره على شىء وكل قرار اتخذ يوم غرق العبارة السلام 98 هو المسئول عنها ولا يوجد أى دور لأصحاب الشركة فى عمليه الغرق، بل إن جميع التقرير أشارت إلى أن كل من عمل فى الشركة سخر إمكانيته فى إنقاذ ما يمكن انقاذه، فهل يقرأ العقلاء ما كتبته الدكتورة لميس جابر ليعرف الحقيقة الكاملة دون أى رتوش؟