أعطتنى إجازتى الصيفية فسحة بسيطة من الوقت خالية من الارتباطات العملية، وانتهزت الفرصة للاطلاع على أوراقى الصحفية القديمة المنشورة فى العديد من الصحف المصرية والعربية، وبعضها مضى عليه ربع قرن من الزمن.
ومن بين عشرات الحوارات الصحفية التى أنجزتها ووجدتها فى أوراقى الصحفية، حوار مع السياسى الكبير محمد فائق وزير الإرشاد القومى (الإعلام) الذى تولى عدة مناصب هامة فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أبرزها وزير الإرشاد القومى (الإعلام)، أما الأهم فهو دوره الرائد فى إفريقيا، ويستكمل دوره الآن مفوضا لحقوق الإنسان فى إفريقيا، وبالرغم من أنه سبق لى الكتابة عن هذا الرجل العظيم مع بدء أزمة مياه النيل، وكيف تم التفريط فى كل ما فعله فى القارة السمراء، إلا أننى وجدت فى حوارى الذى أجريته معه قبل سنوات ونشرته صحيفة الراية القطرية ما يستحق إعادة ذكره، خاصة مع الذكرى الـ 58 لثورة يوليو 1952، فليسمح لى القارئ أن استعرض له ما جاء فى هذا الحوار.
تحدث محمد فائق عن التحاقه بالكلية الحربية، وبداية معرفته بجمال عبد الناصر التى بدأت وقت أن كان يدرس فى مدرسة الشئون الإدارية بعد تخرجه من الكلية الحربية، وكان عبد الناصر يقوم بالتدريس فيها، وأثناء ذلك عرف جمال عبد الناصر "الأستاذ" محمد فائق "التلميذ" وكان وقتئذ برتبة ملازم.
سألته عن بداية انخراطه عمليا فى صفوف الثورة بعد نجاحها فأجاب: "بدأ انخراطى فى صفوف الثورة بعد نجاحها مباشرة، حيث كان لى شرف المشاركة فى تأمينها فى أيامها الأولى، كما كان لى شرف مسئولية حصار قصر القبة، ثم بدأت العمل مع زكريا محيى الدين، وهو من الشخصيات الهامة جدا فى تاريخ ثورة يوليو، وأعتقد أنه لم يأخذ حقه فى التاريخ كغيره كان زكريا محيى الدين هو الجسم الحقيقى للثورة، وذلك من خلال مسئوليته المبكرة عن أمنها الخارجى.
سألته عن بداية عمله فى إفريقيا وكيف تولد الاهتمام بها من ثورة يوليو، فأجاب: عملت مع زكريا محيى الدين فى موضوع تقرير المصير النهائى للسودان بإرادة أبنائه، وكان موضوعا شائكا نتيجة الروابط التاريخية التى تجمعنا بالسودان، ولأجل هذا الغرض تم إنشاء إدارة مستقلة باسم "إدارة الدولة لشئون السودان"، وبعد استقلال السودان اقترحت على زكريا محيى الدين أن تتحول الإدارة إلى العمل الإفريقى.
أضاف فائق: كان السودان نقطة استكشاف لنا لطبيعة العمل الإفريقى، فهو بلد حدوده واسعة ومحاط بدول إفريقية عديدة، وكان أول التحديات أمامنا فى قضية السودان، هو كيفية الدخول أليه فى وقت كانت المعارك على أشدها بين أنصار الوحدة مع مصر وبين أنصار الاستقلال، ورتب هذا التناحر بين الفريقين جهدا كبيرا لأجهزة المخابرات المصرية، وجهاز إدارة السودان، وأعقب ذلك فهما أوسع لدى عبد الناصر بأن قضية التحرر يجب أن تتسع لتشمل إفريقيا كلها من باب المصالح الخاصة بمصر حيث توجد منابع مياه النيل، وبدأت أولى الخطوات العملية فى ذلك باستثمار الأوضاع فى السودان فتم تصفية مكتب الاتصال الإثيوبى الموجود على أرضه، وكان هذا المكتب بؤرة انطلاق للمطامع الأمريكية والغربية فى أرجاء القارة السمراء.
يتبع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة