مازالت زيارة الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد لمكتب إرشاد الإخوان السبت الماضى تلقى بظلالها على الحياة السياسية، فقد مثلت الزيارة مفاجأة فى مرحلة استعداد القوى السياسية لانتخابات مجلس الشعب المقبلة، وسط مد وجذر وانقسام بين متفائلين بوجود فرصة لفرض ضوابط النزاهة والشفافية على الانتخابات ومن ثم تحقيق مكاسب ملحوظة للمعارضة، وبين متشائمين يرون الحل المشرف هو الانسحاب وحجب أى مشروعية قد يكتسبها النظام من جراء مشاركة المعارضة والمستقلين.
وبينما يستعد الحزب الوطنى لتطبيق سيناريو انتخابات الشورى على انتخابات الشعب ، كان السيد البدوى يعرض على الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان المشاركة فى المؤتمر الذى ينظمه "الوفد" 5 أغسطس حول ضمانات النزاهة والشفافية فى الانتخابات المقبلة، وتداولت وسائل الإعلام الصورة التى تجمع المرشد على رأس طاولة تضم فريقين من الجماعة وحزب الوفد، الأمر الذى أعاد للأذهان مباشرة تحالف فؤاد سراج الدين وعمر التلمسانى عام 1984 وكيف حقق تحالفهما آنذاك مكتسبات سياسية ملحوظة فى الانتخابات.
أزعم أن زيارة البدوى لبديع فى مكتب الإرشاد والتى تمثل أول زيارة لرئيس وفدى لمكتب الإرشاد، كانت بمثابة حجر كبير فى مياه "الوطنى" المستقرة بفعل خبرات السلطة التنفيذية فى إنهاء الانتخابات وفق النسب المرجوة والمخطط لها سلفاً.
القلق من تحالف البدوى وبديع بين صفوف الوطنى كبير جداً لا يضاهيه أى تحرك مواز للقوى السياسية أو التصريحات وبرامج جمعية التغيير، ولا يخفف منه التصريحات القاطعة لرئيس حزب الوفد بأن تكرار تحالف سراج الدين والتلمسانى عام 1984 مستحيل وأن الوضع مختلف لأن الإخوان عام 1984 دخلوا الانتخابات تحت شعار الوفد بينما يمتلكون الآن مبادئهم وأيديولوجيتهم وخبراتهم الانتخابية أيضاً.
من جهة أخرى تمثل زيارة البدوى لمكتب الإرشاد، حتى فى بعدها الرمزى، إشارة لتيار المتفائلين بين القوى السياسية وتهميشا لتيار المتشائمين، فالزيارة تفتح الباب لجميع أشكال التنسيق والتحالف المرحلية بين أطراف اللعبة السياسية حتى انتهاء الانتخابات، ويدعمها كذلك تحركات موازية على المستوى الدولى ظهر منها حتى الآن مشروع القانون الذى تقدم به المرشح الرئاسى الأمريكى السيناتور جون ماكين وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ إلى الكونجرس، ويطالب بصورة مباشرة بدعم الديمقراطية والحريات وينادى بإلغاء قانون الطوارئ، ورفع أى رقابة للحكومة المصرية عن المساعدات الأجنبية، وهى المطالب نفسها تقريباً المعلنة بالمؤتمر الذى ينظمه حزب الوفد الشهر المقبل، والذى يعنى بالتأكيد على ضوابط نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة!
إذن نحن أمام صورة جديدة تتشكل مع بدء العد التنازلى لانتخابات الشعب والانتخابات الرئاسية ،تحالفات بين الأحزاب الليبرالية وكافة القوى السياسية وفى مقدمتها جماعة الإخوان لتشكيل إطار ضاغط لضمان انتخابات نزيهة وشفافة ،مع بناء تحالفات أصغر بين بعض القوى السياسية مثل الوفد والإخوان للاستفادة المشتركة من كتل التصويت الجاهزة وإمكانات التعبئة الجماهيرية، ويترافق مع ذلك تصعيد الضغوط الخارجية لدعم التحالف وصولاً إلى المراقبة الدولية الكاملة للعملية الانتخابية
المحصلة أن سيناريو الشورى أصبح أو فى طريقه ليصبح مستحيل التنفيذ بالنسبة لأذرع الوطنى الطويلة .. والأيام بيننا.