مخطئ من يظن أن الأزمة التى تفجرت على أثر شائعة اختطاف زوجة كاهن كنيسة فى المنيا لن تتكرر، ومخطئ من يتعامل مع انتهاء الأزمة بمبدأ «كفى الله المؤمنين شر القتال».
فى تفاصيل الأزمة مواقف غير مسؤولة لقلة من رجال دين أقباط، سارعوا بالحديث عن أن اختفاء الزوجة كاميليا شحاتة زاخر، زوجة الكاهن تداوس سمعان، جاء بغرض إشهار إسلامها، وأن هناك من قام بالضغط عليها لتغيير دينها، مما ترتب عليه توجه المئات من محافظة المنيا إلى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية للتظاهر، وحمل المتظاهرون لافتات تحمل عبارات تحض على الفتنة مثل: «يا جمال قول للريس خطف بناتنا مش كويس»، و«يا كاميليا.. يا كاميليا.. إحنا وراكى لآخر الدنيا»، وحمل المتظاهرون هذه اللافتات وتعاملوا على أنهم فى موقعة ثأرية مع المسلمين، وأنه لا عودة إلى حيث جاءوا إلا وكاميليا معهم.
اختار المتظاهرون، واختار معهم رجال دين أقباط أسهل الطرق فى التعامل مع مثل هذه القضايا، وذلك باللعب على وتر الطائفية باستخراج أسهل الاتهامات، وهى أن مسلما هو المسؤول عما حدث، وبلغ التطرف حد إغلاق كنيسة دير مواس طوال أيام الاعتصامات التى تمت فى الكاتدرائية، ولما ظهرت الحقيقة وعادت الزوجة إلى زوجها، بعد أن تبين أنها كانت مختفية عند إحدى صديقاتها بالقاهرة، وأنها أقدمت على فعلتها نتيجة خلافات مادية مع زوجها، عاد المعتصمون تحرسهم الرعاية الأمنية، وتحرسهم نداءات مثل التهدئة وأشياء أخرى.
وإذا كانت التصريحات التى خرجت من الكنيسة بعد العثور على الزوجة تتحدث عن أن البابا شنودة، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كان يتابع الموضوع من حيث مقر وجوده هذه الأيام فى أمريكا، وأنه كان يعلم أن الزوجة مختفية وليست مختطفة، فإن هذا الكلام يسىء للبابا ولا يدافع عنه، مع التقدير والاحترام الشديدين له، فمادام كان يعرف الحقيقة فلماذا لم يصدر أوامره بصرف المعتصمين بتوضيح الحقائق مبكرا لهم؟.
وقد يقول قائل إن البابا حرص على وجود المعتصمين داخل الكاتدرائية، حتى يكون غضبهم تحت السيطرة، بدلا من انفلاتهم فى الشارع، والحقيقة أن هذا كلام مغلوط، فأيام الغضب التى عاشها المعتصمون كانت محط أنظار القنوات الفضائية مما أدى إلى تأجيج النعرة الطائفية بين المسلمين والأقباط، وكان من السهل أن تؤدى إلى كوارث حقيقية.
ما حدث لا يجب أن يمر مرور الكرام، فمظاهرة داخل الكاتدرائية ضد مسلمين، قد تقابلها مظاهرة فى مسجد ضد مسيحيين، ووقتها سنجد وطنا ممزقا بين المسجد والكنيسة بفعل تصرفات غير مسؤولة من غاضبين يشجعهم - وبكل أسف - رجال دين.