على أى أساس أصدر وزير الرى والموارد المائية محمد نصر علام قراره بمنع صرف مياه نهر النيل فى البحر المتوسط عبر فرعى رشيد ودمياط؟
علام حول الموضوع إلى نكتة عندما قال فى تصريحات صحفية بالبحيرة أمس، إنه على استعداد لإلقاء مهندس فى البحر بدلاً من إلقاء نقطة مياه واحدة، وكأن المسألة تتعلق بعملية إهدار مستمرة لمواردنا المائية طول عشرات السنين، وجاء السيد الوزير ليصحح الوضع ويوقف ضياع المياه فى البحر المتوسط.
أولاً: لا أعتقد أن علام قادر على تنفيذ تصريحاته عملياً، وخبراء الرى يعرفون مثلما يعرف هو أن صرف مياه النيل فى البحر المتوسط ليس معناه إهدار المياه ولكنه مرتبط بعوامل فنية وحيوية عديدة منها تنظيف مجرى النيل من أطنان الملوثات الملقاة فيه، ومنها وهو الأخطر ، مواجهة عمليات النحر المستمرة لشواطئ الدلتا التى تكونت عبر آلاف السنوات ثم تعرضت للتآكل التدريجى منذ إنشاء السد العالى وتوقف وصول المياه المحملة بالطمى إلى البحر المتوسط ، وكذلك مواجهة الامتداد المستمر لمياه البحر وتسببها فى ملوحة تربة المناطق المتقدمة من الدلتا.
ثانياً: يعرف وزير الرى جيداً أن منسوب المياه فى بحار العالم آخذ فى الارتفاع التدريجى عاماً بعد آخر بفعل عوامل الاحترار العالمى وذوبان الثلوج القطبية، الأمر الذى نبهت إليه دراسات معتمدة، من الأمم المتحدة، حذرت من غرق بعض المناطق والجزر فى المحيطات وتآكل شواطئ ودلتا عدة أنهار فى العالم من بينها دلتا النيل.
المفترض أن وزير الرى يعرف أكثر منى بجميع الدراسات المتخصصة حول دلتا النيل ومستويات نحر البحر المؤثرة فيها، ومعدلات ملوحة التربة المتزايدة عند نهايات فرعى رشيد ودمياط بحكم تناقص كميات المياه العذبة المنصرفة فى البحر، فعلى أى أساس يصدر الوزير المسئول فنياً قراره بمنع صرف مياه النيل فى البحر؟
وحتى لو كان القرار سياسياً للتغطية على التناقص الواضح فى حصة مصر من المياه بفعل السدود المتزايدة على منابع النيل، لماذا لم يمارس الوزير مهمته الفنية بأمانة ويعلن لأصحاب القرار أن عدم صرف مياه النيل فى البحر المتوسط كارثة بيئية ضخمة قد تتسبب فى غرق الدلتا خلال المدى المنظور، كما تتسبب فى بوار مساحات واسعة من أخصب الأراضى الزراعية فى مصر، أراضى الدلتا السوداء، المنتج الأساسى لغذاء المصريين!
حجة وزير الرى وراء منع صرف مياه النيل فى البحر المتوسط أنه بذلك يوفر 5 مليارات متر مكعب من المياه لمساعدة المزارعين وحل مشاكل الرى و معالجة عدم وصول المياه إلى نهايات الترع، وهى حجة واهية مقصود بها الاستهلاك المحلى وإلهاء وسائل الإعلام والتغطية على فشل الوزارة، فى تحدياتها الأساسية، وأولها الحفاظ على تدفق حصة مصر من مياه النيل والعمل على زيادتها، وثانياً وقف إهدار الموارد المائية فى ملاعب الجولف والمشروعات الفاشلة مثل مشروع توشكى الذى ابتلع كميات هائلة من المياه رغم كل تحذيرات الخبراء ودون تحقيق أى جدوى اقتصادية وزراعية للبلد، وثالثاً، تطوير نظام الرى المصرى العتيق الذى مازال يعتمد فى غالبية الأحيان على الرى بالغمر وهدر مليارات الأمتار المكعبة من المياه، ورابعاً، وقف التلوث والتعدى من الكبار والصغار على مجرى النيل.
وزير الرى يتجاهل التحديات الأساسية أمام وزارته ويلجأ إلى قرارات ذات طابع دعائى إعلامى هى فى حقيقتها كارثة محققة على البلد إذا تم اعتمادها والأخذ بها، فمن يضرب على يد هذا الوزير للحفاظ على المصلحة العليا لهذا البلد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة