سواء كنت تحب جمال مبارك وترى فيه أمل مصر، أو تكرهه وترى فيه مجرد امتداد لنظام حاكم قرر أن يعيد مصر إلى عصر المملكة، سواء كنت ترى فى جمال مبارك رمزا للتغيير أو ترى فيه تكرسيا لسلطة حاكمة فشلت بأن تأخذ بيد البلد للأمام، سواء كنت من معسكر هؤلاء الذين يرون الرئاسة حقا أصيلا لجمال مبارك، أو معسكر التانيين الذين يعتبروا جمال مبارك مغتصبا جاء على حصان النظام الحاكم الأسود فى أسود ليخطف البلد لحسابه، سواء كنت من أهل التهليل للتوريث أو أهل التظاهر والهتاف ضده.. أنت مضطر للاعتراف أن جمال مبارك نجح فى أن يضع نفسه منتصف المسرح، ويصعد باسمه إلى أعلى منطقة فى أفيش الحياة السياسية فى مصر..
طبعا أنا متفق معك تماما أن للواسطة دورا كبيرا فى هذا الموضوع، خاصة ونحن نتكلم عن أكبر واسطة فى البلد هى الرئيس، وطبعا أنا معك أن الإعلام الحكومى كان له دور كبير فى وضع جمال مبارك فى منتصف مسرح الأحداث تماما، ولكن الصحف المستقلة والمعارضة كانت أيضا تنشر وتكتب عن جمال مبارك أكثر من السطور التى كانت تذكر اسمه فى الأهرام والأخبار والجمهورية.
ودعنا لا ننكر على الرجل نشاطه وجهده المتواصل فى الفترة الأخيرة، دعنا لا ننكر أننا نشاهده يوميا إما فى محافظة أو قرية، أو مجتمع مع شباب حزبه، أو طلاب جامعة، أو ضيف حوار مباشر على الإنترنت، دعنا لا ننكر جهده فى تسويق نفسه ولا ننكر أيضا أن كل هذه اللقاءت تم تجنيد أجهزة الدولة كلها لخدمتها، وكما اعترفنا بجهده ونشاطه، لابد أن نعترف أيضا أن كل هذه اللقاءات والزيارات لا تعبر أبدا عن حقيقة شعبية جمال مبارك، ولا تعبر أبدا عن تواصل حقيقى بين شخص يتطلع قدما لرأس السلطة وجمهور الشعب، لأن الالتحام الحقيقى بالجماهير لا يعنى أن يتم إغلاق طرق بأكملها، واختيار طلاب وتدريبهم وتحفيظهم طريقة الكلام مع الأستاذ جمال مبارك، الالتحام الحقيقى بالجماهير لا يعنى أن تختفى الأسئلة التى تشغل بال الشارع من صفحة الأسئلة التى يسأل منها كل من يتاح له فرصة لقاء الأستاذ جمال وسؤاله، فلا يعقل أن يطلب جمال مبارك حوارا مباشرا وصريحا مع جموع الشعب ويرفض الإجابة على الأسئلة الأهم فى الشارع المصرى.. عن التوريث، وطبيعة وجوده فى السلطة، وكيف سيواجه الفساد؟ والإخوان المسلمين، ولماذا لا تحظى أى شخصية أخرى بمثل الاهتمام الذى يحظى به جمال فى وسائل إعلام الدولة؟
لابد أن يستمع جمال مبارك إلى هذه الأسئلة إن كان يريد أن يصل للشارع، لابد أن يجيب عليها ويناقشها، كان لابد أن تأتى كل تحركاته على طبيعتها حتى ينجح فى انتزاع المساحات الجماهيرية التى يريدها، حتى يعرف رأى الناس فيه بجد، وإلا كان وفر على نفسه وعلينا وعلى الدولة تعب وتكاليف تحركاته وذهب إلى موقع اليوتيوب ليشاهد صورته على الطبيعة فى سينما الناس، ليشاهد بالصوت والصورة كيف يفكر فيه الناس وكيف يرونه، إذا كان جمال مبارك يريد بجد أن يعرف مكانته لدى الناس ويقيس شعبيته فليذهب إلى أقرب كمبيوتر ويفتح موقع اليوتيوب، ويتابع المعركة الدائرة حوله.. أو يوفر على نفسه عناء ضربات الكليك ويسأل أحد رجاله كيف يصوره الشباب على اليوتيوب وكيف يتحدث عنه الناس فى الشوارع؟.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة