فى الوقت الذى انصرف فيه نواب البرلمان المصرى إلى دوائرهم استعداداً للانتخابات المقبلة، يتزايد الجدل بين القوى السياسية حول أيهما أفضل، المشاركة فى الانتخابات أم المقاطعة؟
الأصل فى طرح السؤال يأتى من تأكيد الداعين إلى المقاطعة بأن الانتخابات ستشهد تزويرا لصالح الحزب الوطنى وبالتالى فإن المقاطعة هى الرد الأفضل على ذلك، أما الداعون للمشاركة فيرون أن ترك الساحة للحزب الوطنى هو قمة الخطأ، وأن الأصل فى الممارسات الحزبية هو الإيجابية بالمشاركة، وليس السلبية بالمقاطعة، وبالرغم من وجاهة الاختيارين، وحق كل قوى سياسية فيما تذهب إليه، إلا أن سلاح المقاطعة يبدو اختياراً لن يأتى بنتائج ضاغطة وفاعله فى نفس الوقت، ولنأخذ العبرة من انتخابات عام 1990، التى قاطعت فيها الأحزاب انتخابات مجلس الشعب باستثناء حزب التجمع، ولم يهتز للحزب الوطنى جفن، ومضى فى اتباع السياسات التى يريدها.
فى مقابل المقاطعة تأتى المشاركة، وفى كل الدورات التى دخلت فيها الأحزاب والقوى السياسية معركة الانتخابات، من لم يكسب فيها مقعداً فى البرلمان، كسب أشياء أخرى أهمها التأكيد على أن الحكومة وحزبها الوطنى يتغول فى التزوير، والمؤكد أن تكرار ذلك يبعث على الإحباط، لكن مع مرور الوقت يؤدى إلى تراكم الغضب الذى سيأتى بنتائجه فى يوم ما.
المقاطعة سلاح إيجابى لكنه يحتاج إلى بيئة سياسية مختلفة، بيئة تعود الناس فيها على المشاركة الواسعة فى العمل السياسى وفى الذهاب إلى الانتخابات، وحين تلجأ الأحزاب للمقاطعة فى مثل هذا البيئة تكون مؤثرة بالفعل، لكن فى ظل مناخ سياسى راكد كما فى مصر، ويسجل أدنى معدلات المشاركة السياسية تكون المقاطعة دعوة مريحة لن يشعر أحد بتأثيرها.