ليس صحيحا ما أورده الشاعر الإنجليزى توماس إليوت من أن أبريل هو أقسى الشهور، ويبدو أن الشهور كلها أصبحت تتنافس فى القسوة، بعد أن ترافق ضيق الحياة السياسية مع وطأة الأوضاع الاقتصادية مع حالة السخط العام، وأخيرا تساقط الكبار من المبدعين الشرفاء، فاروق عبد القادر وعفيفى مطر وأخيرا المفكر المصرى نصر حامد أبو زيد.
نصر حامد أبو زيد تحديدا مفكر عصامى مجتهد من طراز فريد، لم يلق فى حياته العلمية والإبداعية الزاخرة إلا العنت والظلم والتجنى، فقد نشأ أبو زيد فى أسرة فقيرة فى ريف طنطا لم تستطع أن توفر له تعليما منتظما عاليا، فلم ينل فى البداية إلا تعليما متوسطا وتوظف ليعول أسرته لكنه استطاع بمثابرته ودأبه أن يستكمل دراسته وأن يصل إلى درجة الدكتوراة من جامعة القاهرة.
لم يكن حلم نصر أبو زيد أن يستكمل تعليمه العالى وأن يصل للدكتوراه حتى يصبح أكاديميا مرموقا فحسب، لكنه كان يحلم بإنجاز مشروعه الفكرى الذى يقوم على النقد الجذرى لكل الأصول التراثية التى تشكل مفاهيمنا ووعينا ونتلقاها من جيل إلى جيل ونضفى عليها أشكال القداسة والتقديس.
توسل نصر أبو زيد بمنهج التأويل أو الهرمنيوطيقا ليضع تراثنا الفكرى الإسلامى تحت المجهر محللا ومفسرا وطارحا للأسئلة، لكنها كانت أسئلة شائكة للذين تعودوا على الخمول والكسل وترديد المحفوظات ومواجهة الإبداع والاجتهاد فى جامعاتنا، وكان نتيجة اجتهاده، أن تعرض لمحنة الإبعاد من الجامعة التى قضى عمره باحثا فى أروقتها لدرجة انتزاع كتبه ومؤلفاته من مكتبة الجامعة.
لم يتوقف ما يتعرض له نصر أبو زيد عند الإبعاد من الجامعة، لكن فقهاء الظلام رفعوا عليه دعاوى الحسبة ونجحوا فى الحصول على حكم قضائى بالتفريق بينه وبين زوجته الأستاذة بجامعة القاهرة ابتهال يونس، الأمر الذى دفعه للهجرة من مصر والعيش فى هولندا غريب الوجه واليد واللسان، شاعرا بالمرارة مما لقيه من جامعته ووطنه.
رحم الله نصر أبو زيد مفكرا مجتهدا مبدعا، أما أعماله الجليلة فستظل فى ضمائرنا وعقولنا قبل مكتباتنا علامة على سمو الإبداع فى الظروف الصعبة.
وفاة الدكتور نصر حامد أبو زيد
تشييع جثمان نصر حامد أبو زيد بطنطا
اتحاد الكتاب ينعى المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة