◄◄ رفضت تعليم الصنعة لأبنائها لأنها «مبتأكلش عيش»
فى قرية الأعلام، إحدى قرى محافظة الفيوم التى تشتهر بصناعة الخوص، نشأت وتربت وتزوجت وأنجبت وعاشت عمرها الطويل الذى لا تعرف عدد سنواته من فرط طوله، اسمها رئيسة محمد عوض، ومهنتها «صانعة خوص».
الخوص فى الأعلام يمثل مصدر الدخل الرئيسى لمعظم أهالى القرية حيث تعمل السيدات فى صناعته، بينما يقوم الرجال ببيعه بميدان السواقى بالمحافظة، وبباقى المحافظات، خاصة فى الأحياء الراقية كالمعادى، والمهندسين، والزمالك، ومصر الجديدة، بالإضافة إلى المصايف، والأماكن السياحية.
تجلس رئيسة أمام منزلها لا تغادره إلا للصلاة أو تناول الطعام، تظل مندمجة فى عملها فى تصنيع الخوص لا يشغلها من حولها على كثرتهم، ولا تنظر حتى إلى المارة فى الشارع، تقول: «فتحت عينى على الدنيا، لقيتنى مابعرفش أعمل حاجة غير الخوص، أصل دى شغلانتى عن أمى الله يرحمها، وقد منعنى ضيق حال والدى من الذهاب الى المدرسة، فلقطت صنعة الخوص من أمى، كنت بصحى من النجمة أقعد معاها وأشوفها بتعمل إزاى، وأقلدها، وبدأت أصنّع الصناديق، والسكريات، والفوانيس، والشنط، وأبيعها, لحد ما بقت شغلانتى اللى بأصحى وأنام عليها، وأنا اللى علمت بنات «الأعلام» هنا تقصد قريتها وكل يوم بنفنن ونصّنع حاجة جديدة، وحتى سرير النونو بقينا بنعمله، أصل الأجانب والناس اللى فوق بيحبوا يغيروا، ويشوفوا كل شوية حاجات جديدة، ويمكن تطلع موضة».
الست رئيسة متزوجة ولديها 3 أولاد و6 بنات، لكنها رفضت تعليم الذكور للمهنة لأنها فى رأيها (ماتوكلش عيش) وعلمت بناتها فقط لمساعدة أزواجهن فى أعباء المعيشة. وتستكمل حديثها عن رحلتها مع الخوص: «مع إن شغلانة الخوص دى متعبة خالص، وسببت لى مشاكل كتيرة فى نظرى، وظهرى، لكنها مهنتى ومقدرش أبطلها، أنا يومى بيبتدى من الساعة 7 الصبح، أقوم بمساعدة زوجات أولادى الثلاثة فى ترتيب البيت، وبعدين أقعد مع الخوص قدام البيت، وابتدى شغلى على حسب الطلبية، لكن مبيقلش يومى فى الشغل عن 12 ساعة، وعلشان أعمل صندوق الخوص بحتاج 3 أيام، ولوازمه من الخوص وقش الأرز بتكلفنى تقريبا 7 جنيهات، وببيعه بـ15 جنيه هى حصيلة عملى لمدة 36 ساعة».
وهكذا تمر حياة الست رئيسة تقول: ده عشرة عمرى اللى معرفش عدده كام، قولى 70 سنة، أو أكتر، أو أقل، والله ما أنا عارفة يا بنتى، بس الخوص غالى عليا ويرخص له الغالى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة