هل حقا مات نصر حامد أبو زيد نتيجة فيروس غامض تعرض له فى رحله أخيره خارج مصر، وهل نجح هذا الفيروس الغامض فى قتل هذا العالم والمفكر الجليل الذى قضى أزهى سنوات حياته يدافع عن حق كل إنسان فى أن يختلف مع الآخر ويعبر عن رأيه بحرية، فى رأيى أن نصر حامد أبو زيد قتل يوم أن فشل المجتمع فى أن يسانده فى معركته ضد قوى الظلام والتخلف والرجعية التى حاصرته وأحبطته وأجبرته على أن يترك مصر مضطرا قبل خمسة عشر عاما، ليعيش وحيدا فى هولندا حالما طوال الوقت أن يعود إلى بلده مكرما مقدرا، ولكن مرت السنوات بطيئة مملة تكالبت فيها الوحدة والقهر عليه.
قد نختلف أو نتفق مع أفكار نصر حامد أبو زيد وقد يرى البعض أن هناك أخطاء كبيرة فى منهجه فى التفكير والنتائج التى توصل إليها، ولكن بالتأكيد ليس من حق أى شخص أن يتهم عالما وباحثا بالكفر ويفرق بينه وبين زوجته، القضية الأساسية فى معضلة نصر حامد أبو زيد أن الأصوات التى أيدته وساندته فى معركته التى تمثل قوى معتدلة فى المجتمع سرعان ما استسلمت لقوى الرجعية والتخلف وتركته وحيدا يواجه مصيرا غامضا، وقد أظهرت هذه المعركه أن القوى المعتدلة فى المجتمع أضعف من أن تواجه هذه التيارات الرجعية، وهو ما أكسب هذه القوى ثقة مبالغ فيها فى قوتها وتأثيرها فى المجتمع وجعلها تتصور أنها أكبر من أن تحاسب من تيارات فكرية وثقافية تسعى لتقدم المجتمع وتنويره، وصولا لفكرة الدولة المدنية الحقيقية، وليس ترسيخا لصيغة الدولة الدينية التى تسعى قوى الظلام لفرضها علينا فى غفلة وسلبية من الغالبية العظمى من المجتمع، أتمنى أن تكون وفاة نصر حامد أبو زيد جرس إنذار حقيقيًا للمجتمع ليتخلص من جزء كبير من سلبيته واستسلامه لقوى قد تدمر كل شخص يفكر يوما أن يكون نصر حامد أبو زيد.
* كاتب صحفى بالأهرام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة