الحكومة التى يستهويها ترديد الأرقام والإحصاءات كدليل على التقدم والازدهار دون أن يكون هناك دليل، فعلى على ذلك هى حكومة فاشلة بامتياز، وتفعل ذلك حكومة الدكتور أحمد نظيف دون خجل فى مسألة حالة الفقر وأحوال الفقراء، فحين يواجهها أحد بازدياد معدلات الفقر فى مصر، ترد بإحصاءات تفتقد إلى دليل، وهذا بالضبط ما فعله الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية قبل يومين بقوله إن هناك انخفاضا فى نسبة الفقراء من 19% فى الفترة من عام 2005 إلى عام 2008 إلى 16,8 % من السكان فى العام الماضى، وهناك نحو 4 ملايين مواطن صعدوا فوق خط الفقر بعد تحسن أحوالهم المعيشية.
4 ملايين صعدوا فوق خط الفقر.. و2. 83 % من المصريين لم يعودوا فقراء، إحصاءات لا تدور فقط إلا فى ذهن حكومة نظيف، والغريب أن الدكتور عثمان استبق أى نقد أو رفض لكلامه بقوله: "أى كلام غير كده ماليش دعوة بيه"، يعنى أنه لا يعترف مثلا بكلام صندوق النقد الدولى بأن نسبة الفقراء فى مصر تقدر بنسبة 40%.
بعيدا عن إحصاءات النقد الدولى فإن نظرة واحدة على حال الأسواق المصرية وارتفاع أسعار السلع يؤكد كذب تصريحات عثمان، فكيف لموظف رب أسرة يتقاضى راتبا شهريا قدره ألف جنيه مصرى مثلا أن يدبر حاله طوال شهر كامل، وإذا فكر أن يشترى كيلو لحم واحدا كل أسبوع ليطعم به أسرة مكونة من أربعة أفراد، فهذا يعنى أن سيدفع على أقل تقدير مائتى جنيه شهريا فى أربعة كيلو شهريا، وسيدفع مائتين مثلهم حتى يجهز مستلزمات أخرى حتى تأكل الأسرة وجبة لحم أسبوعية، وأضرب مثلا واحدا عن مرة واحدة فى الأسبوع، فما بالنا بثلاث وجبات طعام يومية أى نحو مائة وجبة طعام شهرية للأسرة.
لم نتعرض فى ذلك إلى مستلزمات الأسرة من إيجار للمسكن واستهلاك للكهرباء والمياه وخدمات أخرى من مصارف مدارس ونفقات علاج لأى فرد يصيبه المرض فى الأسرة، هذا بخلاف نفقات الملبس والمواصلات وغيرها، وبحسبة بسيطة لكل ذلك سنجد أن الموظف الذى يتقاضى ألف جنيه راتب شهرى هو فى عداد الموتى الأحياء الذين ينامون ليلهم ويدعون ربهم أن يمر يومهم دون أن يحدث أى طارئ قد يجد، فيأخذ راتبهم الشهرى كله دون استئذان، فلا يجدوا أمامهم غير طرق أبواب السلف والدين، وهو الطريق الذى يكسر أى إنسان فى مساره الحياتى ويجعله يتمنى الموت قبل الحياة.
يحتاج المسئولون إلى معايشة الناس بحق ليعرفوا أصل الحقيقة بدلا من الأرقام المضروبة التى يذكرونها دون أن يكون لها أصل من الحقيقة، ومنذ سنوات أذكر أن أحد أساتذة الاقتصاد الذى اشتهر بعبده مشتاق لكرسى الوزارة استضافه برنامج "صباح الخير يا مصر"، وانبرى عبده مشتاق دفاعا عن الحكومة بالقول إنه لم يعد هناك فقر فى مصر، ففوجئ الرجل بتليفون من مدرس يأتيه ليقول:" لو سمحت يا دكتور أنا سأعطيك مرتبى الشهرى علشان تصرفه أنت على أسرتى " فسأله عبده مشتاق: "كم مرتبك" فرد المدرس :" 600 جنيه " فقال له: "أنت بتدى دروس خصوصية" فرد المدرس: "لأ" فقال له عبده مشتاق: "أنت غلطان.. مين اللى قال لك متديش دروس"، وانقطع الاتصال بعد أن وبخ عبده مشتاق المدرس لأنه لا يخالف تحذيرات المسئولين التى تمنع إعطاء الدروس الخصوصية، ولما قرأت تصريحات الوزير عثمان فهمت أن الحكومة تحرض الناس بطريقة ما على أتباع الحرام من أجل ألا يكونوا فقراء وبالتالى تتوفر لها الإحصاءات التى تؤكد أن الفقراء أصبحوا أغنياء غصبا عن صندوق النقد الدولى وغصبا عن جنون ارتفاع أسعار السلع التى تلتهم كل شىء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة