فرحان أبوالسعد، 47 سنة، معاش مبكر، هارب من قانون المرور والضريبة العقارية، نجا من أربع حوادث تصادم، وسقطت على دماغه بلكونة، وانفجرت فى وجهه أنبوبة بوتاجاز، وخاض انتخابات المحليات فى مجلس الشورى، وخرج «معاش مبكر» قبل تعيينه.
فرحان المولع بقراءة بيانات الحزب الوطنى ومتابعة جلسات مجلس الشعب والتصوير أمام كل حجر أساس، ويستمتع بقراءة تقارير وأرقام الدكتور عثمان، وزير التنمية الاقتصادية، يحب العشوائيات والمتعثرين ومسقعى الأراضى.
فرحان الذى كتبت عنه قبل عامين بمناسبة استطلاع رأى أجراه مركز معلومات مجلس الوزراء وأكد فيه أن الشعب المصرى من أكثر شعوب الأرض شعورا بالسعادة، كان فرحان يؤكد لى أنه من سعداء الشعب.
سارع فرحان بطلب اجتماع عاجل معى، ولأننى أعرف أنه من حاملى شهادات المعاملة، لم أنجح فى تأجيل لقائه، وما إن التقيته حتى عاجلنى بالقول: «لا أعرف سر الغضب الزؤام من السيد مجدى الكردى زعيم ائتلاف ترشيح جمال مبارك لرئاسة مصر، الرجل لم يرتكب أى نوع من المعاصى ولا الجرائم المخلة بالاستقرار العام أو الآداب، لكنه استغل حالة «الحراك» وأعلن عن تشكيل ائتلاف يصلح للاستخدام كنوع من المضادات الحيوية». وقبل أن أعلق قال فرحان: «إن الكردى معارض وصاحب سوابق»، فغرت فاهى، فقال بعد أن رفع حاجبه: الكردى يدعو جمال للانضمام إلى الجماهير العارمة فى القرى والنجوع والعشوائيات، ويعارض أنفلونزا الطيور والحمى القلاعية والثانوية العامة، وله سوابق فى صفوف المعارضة بحزب التجمع وحركة كفاية، وربما كان ناشطا فى حركات «معلش ومايصحش وتعاليلى يابطة».. كنت أعرف أن فرحان من ضحايا قوانين الضرائب والمعاش المبكر، الأمر الذى يجعله قابلاً للاستخدام السياسى أكثر من مرة، وبالرغم من كونه ينفى أى رغبة فى النفاق أو الحصول على مصلحة شخصية، فقد قال إن الكردى متبرع من أجل الدفاع عن مستقبل البلد وليس فقط «من أجلك أنت»، فالكردى يجمع توقيعات على عرائض، كما أنه استعان بصديق لتمويل حملته، واستطلع رأى الجمهور وطلع بنتيجة أن «اللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش».
سقط الحائط الفاصل بين فرحان والكردى، وتخيلت أن فرحان ربما كان متأثراً بالعلاج الكهرومغناطيسى، وكثرة التعرض لبرامج التوك شو، وبيانات الحكومة، وجلسات مجلس الشعب، وكنت أعرف مدى إعجابه بمندوبى الجامعة العربية، ودأبه على حفظ قوانين المرور وخرائط شبكات الصرف، وأخبرنى أن لديه مشروعا لرسم خريطة بمطبات الطرق فى مصر.
بعد أن قدم فرحان دفاعه عن زعيم ائتلاف جمال مبارك، أخبرنى بأنه وقّع على عريضة ترشيح ومعها طلب تعيين، فسألته: عاوز تتعين فين؟ فرد بدون تردد: «فى الحراك مع الأستاذ كردى».