شُرعت العبادات فى الإسلام لهدفين، الأول حسن الصلة بالله، والاستشعار بالاحتياج له عز وجل، والهدف الثانى إصلاح النفوس والمجتمعات والمعاملات بين البشر، فالعبادات فى الإسلام لا تقتصر على أوامر ونواهى إيمانية فقط، ولكنها لابد أن يترتب عليها ثمار تفيد الإنسان والمجتمع المحيط به.
ولذلك وجدنا أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يختزل الدين فى المعاملة "فالدين المعاملة"، أى أن التدين ومظاهره من صيام وصلاة وقيام وتهجد ليل وفعل خيرات، لابد أن يظهر أثره على السلوكيات فى التعاملات اليومية للإنسان.
ولشهر رمضان خصوصية فى الإصلاح، فهو حضانة إيمانية تجعل الإنسان يترفع عن الشهوات، حتى المباحة منها مثل الأكل والشرب فى أوقات محددة، وفى هذا درس واضح يعطيه الله للأمة فى هذا الشهر، فالإنسان بإرادته يستطيع أن يقاوم نفسه وغرائزه، محتسبا ذلك عند الله، ويواصل الإنسان لمدة شهر هذا التحدى ليؤكد لنفسه أنه إذا أراد أن يقاوم شيئاً أو يقوم سلوكاً سينجح.
ولذا علينا جميعا أن نأخذ من هذا الشهر العظيم درس الإرادة، وأن نجعله انطلاقة لتغيير السلوكيات والقيم الذميمة التى تؤرق حياتنا، ونبنى فينا يقظة الضمير فلا يجوز لصائم أن يرتشى أو يمد يده لحرام، ولا يجوز لصائم أن يعطل مصالح بنى وطنه بحجة أنه لا يستطيع القيام بمهام العمل بسبب الصيام، كما لا يجوز لصائم أن يتعاطى المخدرات، كما يفعل بعض الشباب متناسين حرمة هذا الشهر وسوء الجزاء فى الآخرة.
علينا جميعا أن ندعم القيم الجميلة التى حث عليها الإسلام، وندلل من سلوكياتنا أن الصيام أورثنا التقوى، التى تحثنا على الخوف من الله ومراقبته فى كل أمر، وعلينا أن ندعم علاقتنا بأبناء وطننا من إخواننا الأقباط، ليعلموا أن رمضان شهر الرحمة للجميع، ومن التطرف والتشدد وسوء الفهم لقيم الإسلام الصحيح، سوء التعامل مع من يخالفوننا فى المعتقدات بحجة الصيام، وقد رأيت فى قرانا المصرية فى رمضان ما يؤكد وحدة نسيج هذا الوطن، فها هى أسر مسلمة تحرص على دعوة جيرانهم الأقباط لتناول الإفطار معهم أول يوم، وتجتمع الأسر على مائدة واحدة مرددين بالسلوك أنغاماً وطنية فريدة فى العالم، بل وجدت أسراً مسيحية تحرص على صيام رمضان سنويا ليس من باب الاعتقاد، ولكن من باب مشاركة إخوانهم المسلمين فرحة هذا الشهر.
فالصيام جُنَّة، أى وقاية، من أى سلوك منحرف يغضب الله عز وجل، ويسىء لأى إنسان، فعلينا أن نحى معانى الإصلاح المجتمعى والسلوكى فى هذا الشهر الكريم الذى ننتظره باشتياق كل عام، متمنين أن يوفقنا الله فيه لكل ما يحب ويرضى ويصلح حال أوطاننا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة