قادتنى الصدفة إلى أن أكون واحدا ممن شملهم استطلاع يجريه الحزب الوطنى عن انتخابات مجلس الشعب المقبلة، أجراه مجموعة من الشباب ليسوا من أهل الدائرة التى أنتمى إليها، وللأمانة اختار هؤلاء الشباب عينة الاستطلاع بشكل عشوائى داخل قريتى دون أن يصاحبهم مثلا أعضاء من الحزب، ووزعوا أنفسهم على بيوت القرية دون اختيارات مسبقة، وعلى سبيل المثال كنت أقف أمام منزلى بالصدفة، فجاء شاب ممن يجرون الاستطلاع ليعرض على المشاركة فشاركت.
دار الاستطلاع حول الأسماء المطروحة للترشيح فى دائرتى «طوخ -قليوبية» وجميعها ينتمى إلى الحزب الوطنى، ودارت الأسئلة حول، هل تذهب إلى الانتخابات للإدلاء بصوتك؟، وهل ستذهب إلى انتخابات مجلس الشعب المقبلة أم ستقاطعها؟، ثم تنتقل الأسئلة إلى الاستفسار عن مدى شهرة المرشح، ومدى تواجده فى الدائرة وسمعته، وقوته الانتخابية، وأسئلة أخرى تنتهى بسؤال جامع هو: «من هو الاسم الذى تراه مناسبا من بين هذه الأسماء ليكون نائبا للدائرة؟».
كما شملت الاستمارة على أسئلة منفصلة عن أسماء لسيدات تتجه نيتهن للترشح، وأخريات يمارسن العمل السياسى فقط من داخل الحزب الوطنى.
استمارة الاستطلاع مصممة بطريقة ضع علامة صح أو خطأ فى الإجابة على كل سؤال، باستثناء الخانة التى يتم فيها وضع الاسم الذى تراه مناسبا ليكون نائبا، وإذا اخترت إجابة «لا يوجد»، يتم وضع الإجابة كما هى.
المثير فى الاستطلاع هو الفكرة فى حد ذاتها، بمعنى أن القائمين على الحزب ربما لجأوا إليها بعد أن تأكدوا أن فكرة اختيار المرشحين عبر مجمعات الحزب الانتخابية لا تعطى نتائج جيدة، وأنها تتم بالتربيطات وأشياء أخرى، بدليل أن الحزب يكتشف فيما بعد مصائب نوابه الذين تم اختيارهم طبقا لأسلوب المجمعات، ويعنى هذا الافتراض أن الحزب لجأ إلى أسلوب جديد، وهو أخذ رأى الجمهور مسبقا قبل ذهابهم إلى صناديق الانتخابات، وإذا كان الناخب الذى شمله هذا الاستطلاع يحق له أن يتساءل عما إذا كان الحزب سيهتم برأيه أم لا، فإن الإثارة الأكبر تأتى فى أن الأسماء المطروحة فى الاستطلاع تشمل شخصيات سبق لها الترشيح وفشلت بجدارة، أما الشخصيات الجديدة فهى مجرد أعضاء فى الحزب، بمعنى أنها لا تتمتع بغطاء جماهيرى جيد يؤهلها لقيمة منصب نائب الدائرة، وتلك قضية طويلة تتعلق بفقر الحياة السياسية ويتحمل الحزب الوطنى مسؤوليتها.
المثير فى الاستطلاع أيضا، سؤال يتعلق باسم مرشح جماعة الإخوان المسلمين فى الدائرة، وهو محمد عبدالمجيد دسوقى الذى وصل إلى مرحلة الإعادة فى الانتخابات السابقة مع مرشح الحزب الوطنى، وبالرغم من أن هناك مرشحا معارضا فى الدائرة باسم حزب التجمع، فإن الاستطلاع لم يأت ناحيته من بعيد أو قريب، وهو الأمر الذى ينطبق على باقى مرشحى أحزاب المعارضة، ومعنى ذلك أن الحزب الوطنى لا يعطى اهتماما لأحزاب المعارضة لأنه يعرف قدرها الضعيف فى الشارع، لكنه فى نفس الوقت يعى تماما أن المنافسة ستكون مع مرشحى الإخوان المسلمين، والسؤال.. كيف ستدار هذه المنافسة، وما مصير إجابات الاستطلاع؟