بيان هيئة ضمان جودة التعليم الصادر أمس الاثنين حول مستوى جودة المدارس الحكومية ، ينبغى أن يكون مصدر قلق وهم لوزير التعليم ولكل المسئولين والمهمومين بأحوال التعليم فى بلدنا.
البيان أوضح بالأرقام أن غالبية مدارسنا تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الكفيلة بتأهيل الطلاب تعليمياً، فمن بين 1440 مدرسة تقدمت للاعتماد من هيئة جودة التعليم خلال العام الحالى تم اعتماد 489 مدرسة أى حوالى 34% فقط، كما تم إنذار عدد كبير من المدارس التى تم اعتمادها خلال الأعوام الماضية بتراجعها عن الشروط والمعايير الكفيلة بالتأهيل السليم للطلاب، وكأنها كانت تتجمل فقط مثل مسئولى الأحياء التى يمر منها المسئولون فى الزيارات الخاطفة، فيزرعون الأسفلت والشجر والبشر ويطلون وجهات العمارات إلى أن تنتهى زيارتها.
بيان الهيئة القومية للجودة يجب أن يكون مصدر قلق ليس بسبب عجز أغلبية القائمين على مدارسنا على استيفاء معايير جودة التعليم فحسب، وإنما لأن ملف إصلاح التعليم على أهميته القصوى ،أصبح مثل المرض المزمن يحمله جسد هذا البلد ويشكو منه ليل نهار، بينما ينظم الوزير المسئول الجلسات والندوات للبحث فى أصل الداء وطرق العلاج، هكذا بلا نهاية
ويمضى الوزير ويأتى الوزير وتنعقد الجلسات وتتعدد طرق العلاج حتى أصبحت هذه الجلسات مطلوبة لذاتها دون أن يجرؤ أحد على التقدم خطوة واحدة نحو القضاء على المرض الفصام الذى يعانى منه نظامنا التعليمى قلة عدد المدارس وتخلف المناهج وعدم تأهيل المدرسين التأهيل السليم، وقبل كل ذلك وبعده، تراجع قيمة التعليم لدى عدة أجيال من الطلاب والمعلمين، لم يعد يؤمن منهم أحد بضرورة التعليم أو أداء رسالة التعليم.
من ناحية لم يعد التعليم الحكومى وسيلة لإثبات التفوق الفردى وتحقيق الطموح والترقى اجتماعياً بالنسبة لمعظم الأسر المصرية، كما لم تعد مهنة التدريس حاملة فى نظر الأغلبية الساحقة من المدرسين لتلك القيمة السامية التى استمدها المعلمون من أصحاب الرسالات ،لا لم تعد سوى وسيلة لتحصيل النقود عبر الدروس الخصوصية، والنتيجة نجدها على الفور فى أجيال لا تعرف القراءة والكتابة رغم تقدمها فى الصفوف الدراسية أو فى خروج الجامعات المصرية وكلياتها التى تبلغ 362 كلية من قائمة أفضل 500 جامعة على مستوى العالم.. هل هذا معقول؟!
بيان الهيئة القومية لضمان جودة التعليم يمكن أن يكون بداية صادمة لمسئولين يرون إصلاح التعليم الحكومى مسألة حياة أو موت لهذا البلد فهو المجال المضمون للاستثمار بدلاً من تراكم الثروات فى الشقق والفيلات المغلقة التى تأكلها الصحراء، وهو شعار المشروع القومى الحقيقى بديلاً للعبارات الرنانة الفارغة، التى لا تقضى إلى شىء، وهو الفرصة الوحيدة، المتاحة ليعبر من خلالها بلدنا من التخلف إلى الموفرة وتأملوا تجربة الهند أو ماليزيا.
إصلاح التعليم عبر القضاء على تكدس الفصول وتدهور المدارس وبناء آلاف المدارس الجديدة، وتأهيل المعلمين وإعادة تصميم المناهج بما يؤكد على قيم التفكير والإبداع وإعادة الاعتبار إلى قيمة التعليم ذاتها هو الحل للخروج من النفق العدمى الذى نتخبط فيه دون أن نستطيع فتح كوة أو مخرج للنجاة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة